نظرات

كان يجلس قبالتها غير بعيد و على وجهه ترتسم ابتسامة توحي لها بالسّخرية و الاستهزاء كما إنّها تحمل البعض من زهوٍ و خيلاءَ , كانت تحسّ أنّها هي المقصودة بتلك النّظرات و تلك الابتسامة من دون المسافرين جميعا .
كانت نظراته خلف نظّاراته السّوداء تبعث فيها شعورا بالحرج و عدم الارتياح , حاولت تجاهله و نسيانه و عدم التّفكير فيه و في نظراته التي كانت تتفحّصها من أعلى رأسها حتّى أخمص قدميها دون كلل أو إعياء أو حشمة أو حياء .
حاولت تغيير مكانها لكنّ العربة كانت مليئة بالرّكّاب و لا يوجد فيها مقعد شاغر فأمسكت بصحيفة و حاولت مطالعتها و تصفّحها لعلّها تُنسيها نظراته لكن دون جدوى فقد كانت تجد نفسها تسترق له النّظر فتجده على نفس الهيئة و نفس النّظرة الجريئة و المحرجة التي تجبرها على العودة إلى صحيفتها و هي تلعن حظّها العاثر الذي ساق إليها هذا الشّخص الذي أفسد عليها رحلتها . 

 

������
ضلّت على تلك الحالة من الضّجر و الحرج حتّى همّت بالذّهاب إليه و تقريعه على سوء أدبه و وقاحته لكنّ وصول القطار إلى محطّة أثناها عن ذلك الأمر .
لمحته يقوم من مكانه فتنفّست الصّعداء فهي سوف يذهب عنها من كان يكدّر صفوها , لكنّها شعرت بندم شديد و مرارة أشدَّ لمّا رأته يتحسّس المقاعد بعصاه البيضاء في طريقه إلى الخروج فقامت من مقعدها وهي تحاول إخفاء عبَراتٍ غلبتها ثمّ أمسكت بيده و ساعدته على النّزول .

تعليقات
0 تعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق