|
يعتقد ويؤمن الكثير من المسلمين أن أسوأ انواع العنف والترهيب الذي يمارس بحقهم هو الدعوة لتحرير المرأة ثقافيا وجسديا ونفسيا وحتى عقائديا، وكأن المرأة هي (بعبع) الإسلام ونقطة ضعفه وقوته بآن واحد: "هل هناك عنف أشد من ذلك الذي يتمثل في إحلال ما حرم الله؟.....هل يمكن الاعتقاد في اي عنف أشد من عنف تلك المرأة التي تحرق الحجاب في مكان عام وأمام عيون الجميع ، معلنة ان قانون الأسرة يضطهد المرأة....ليس من العنف مطالبة المرأة بالمكوث في البيت في جو من الطهر والحماية والتواضع وخروجها فقط في حالات الضرورة التي يحددها المشرع، او المطالبة بالفصل بين الجنسين بين طلبة المدارس، ومنع هذا الاختلاط المشين الذي يسبب العنف الجنسي 1"
نعرف جميعا وبالرجوع الى النصوص القرآنية او السنة وغيرها من المراجع الموثوقة والمسندة من قبل مشرعي القوانين والأحكام في تنظيم حياتنا اليومية والذين يعتمدونها دون غيرها ودون الرجوع لمعطيات ومتطلبات اي عصر ماضٍ او حالي او آتٍ في تنظيم حياتنا، جميعنا نعرف كيف كرمت هذه التابوهات المرأة بجعلها تابع للرجل في كل شيء، وجعله الوصي عليها حتى لو كان اصغر منها وكأنها بهيمة ما (عفوا) يجب ان يتولى رعايتها ومراقبتها احد الذكور في العائلة حسب تسلسل قرابته مهما كان عمره ومكانته. تلك المرأة التي تجلب العار فهي صنوٌ للشيطان وفتنة للرجل تحت اي ظرف، لذا حرص الإسلام على تحنيطها جيدا وسجنها بالحجاب والنقاب والحشمة (من الناحية الفسيولوجية) وسجنها داخل التشريعات والأحكام التي تستوجب عدم اتخاذها أي قرار دون الرجوع لأحد أربابها حتى لو كان متعلقا بجسدها! فهي لا تخرج من المنزل دون إذن زوجها وإلا لعنها كل شيء بما فيهم الملائكة والشجر والحجر ولا تحج ولا تصوم الا بإذنه 2 (تقدم طاعته على طاعة الله في النوافل فلا تصوم الا باذنه) فالمرأة مسئولة جرّ الرجل وزحلقته للرذيلة كونه وحش ضعيف الإرادة متعطش للجنس يهتاج بمجرد لمحه بنصرها او خف قدمها!! فكيف به اذا رأى شعرها او سمع صوتها؟؟!؟
المرأة في عيون الإسلام
المرأة وابتداءً بحواء هي رمز للغواية وباب من أبواب الجحيم، هي صوت الشيطان في اذن الرجل، ناقصة العقل دنيئة النفس رذيلة الخلق، وان شعرها وجسدها يهددان فوز الرجل بالجنة حيث يكافئ هناك على صبره وعفتّه بحور العين وما لذّ وطاب من الخمر يطوف عليهم غلمانٌ مخلّدون. المرأة تنسى، المرأة ناقصة دين، المرأة يجب ان تُضرب لتتأدب وتُعنف على اي فعل او اي مخالفة لأوامر الرجل، المرأة مكانها الطبيعي هو المنزل فقط حيث هناك سيرتاح الجميع و(يكفون شرّها) !
المرأة لها نصف الميراث (للذكر مثل حظ الأنثيين- النساء) ولا تؤخذ بشهادة المرأة الواحدة الا اذ كُنّ اثنتين حيث تذكر احداهن الاخرى اذا نسيت! المرأة ليس لها حق الزواج الا بموافقة ولي امرها ابتداءا من سن معينة قد يكون منذ الولادة (عمرها يوم واحد) كما في بعض بلدان الخليج كاليمن، حتى البلوغ عند سن الثامنة عشر او العشرين حسب قوانين الأحوال الشخصية التي وُضعت وفق تلك الشرائع والاحكام الاسلامية المستهلكة منذ اكثر من اربعة عشر قرنا.
ان المرأة الآن تشكل خطرا على المجتمعات الشرقية خصوصا تلك القائمة على حكومات اسلامية، لانه بتحريرها سيفقدون السلطة التي منحها إياهم الاسلام بتأييد وترسيخ مبادئ المجتمع الذكوري بامتياز وفقا للكثير من تشريعاته. واذا فقد الرجل (الرب) سلطته على المرأة تحرر نصف المجتمع او اغلبيته والمرأة هي الام والمدرسة وبهذا ستتفتح اذهان الاجيال المستقبليه وتتحرر من عبوديتهم وظلامهم القهري وهذا يعتبرونه تعنيفا بحقهم!
من المسئول عن العنف؟ من المسئول عن الانحرافات و العنف الجنسي؟
ان اي ممنوع متبوع، واي قمع يؤدي للانفجار يوما ما. طالما الكبت والتفريق بين الجنسين هو سياستهم فهذا يخلق انسانا مكبوتا بغرائزه لا يفكر الا في كيفيه إرضاءها واشباعها ويظل يرقب ذلك الخط الأحمر بينه وبين الجنس الآخر وفي كيفية عبوره (واكتشاف التفاحة المحرمّة). لأن الكبت والمنع والتسيير كالخراف المعصوبة يولد الفضول والتمرد والتعطش في حين اذا كان كل شيء طبيعيا وموضحا منذ البداية فان هذا الانسان سينصرف عن كل تلك الجدران الموضوعة امامه وكل تلك القيود التي تكبله في شيء يعود عليه وعلى المجتمع بفائدة. وهذا سببٌ اخر ومطلب آخر من مطالبهم وغاياتهم، فهم يأبون تحرير العقل البشري من خرافاتهم وقيودهم البالية كي يبقى دوما تحت سطوتهم ويطلب الاذن منهم في ابسط تفاصيل حياته. التفكير والتفكّر من الشيطان ، التحضّر والتمدن من مساوئ الغرب، التحرر والتطور ينذر بنهاية العالم؟
سؤال: لماذا اذن لا يرضون بركوب الجمال والشرب من ماء البئر وسكن الخيم؟؟
الإسلام دين رحمة كرّم المرأة، فبماذا كرمّها؟
أثبتت المرأة وبجدارة انها كاملة العقل والطاقة، فهي اضافة الى مسؤوليتها المنزلية تجاه الاسرة (الاولاد والزوج) فهي متميزة بجميع ميادين الحياة والعمل بل و اكثر تأهيلا وصبرا وقدرة على العطاء من الرجل بغض النظر عن الفوارق الفسيولوجية التي اتخذوها ذريعة للانتقاص منها . أين هو التعنيف الآن؟ من منا عنّف واضطهد الآخر؟
حين تُجبر المرأة على عيش كامل حياتها في المنزل ولا تخرج منه لأرض الله الواسعه إلا للضرورة وبأذن من (ربّها) . حين تُلسب المرأة حق التفريق في الزواج ويظل الرجل محتفظا بمفتاح العلاقة الزوجية وقرار الانفصال او اجبارها على العيش معه عن طريق بيت الطاعة او حين تُجبر على المعاشرة الجنسية وإطاعته في الفراش وإلا تعتبر (ناشزا) وتعاقب (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن- النساء) فهذه هي وظيفتها الأساسية ودورها في إسعاد الرجل وتلبية رغباته ومنحه اللذة بغض النظر عن متطلباتها ورغباتها ولهذا تُدفع المهور (وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا ان يعفون او يعفو الذي بيده عقدة النكاح...- البقرة) وهذا ليس غريبا على أيدلوجية ونظم جعلت من المرأة حاجة جنسية للرجل دون اي اعتبارات لذاتها وكينونتها فـ (يمكن للزوج ان يأتيها من قُبلها في قُبُلها ومن دبرها في قُبلها ، واي وقت شاء من اوقات الحلّ... ويجوز للرجل ان ينكحها قائمة او باركة او مضطجعة)3 و (نسائكم حرثٌ لكم فآتوا حرثكم أنى شئتم – البقرة). وحين يجمع الرجل أكثر من امرأة في فراشه باسم الشرع (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع – النساء) و (ان اردتم استبدال زوج مكان زوج- النساء) بغض النظر عن مشاعر وكرامة أي منهن وطبعا هذا الحق حصري للرجل! حين تُمنع المرأة من السفر إلا بموافقة ووصاية (ربّها) أيضا حتى لو كان ابنها! حين تًرجم المرأة حتى الموت إذا مارست (الجنس) مع (رجل) دون صيغة شرعية؛ اذ تكفّن المرأة وتُربط يديها ورجليها وتُدفن حتى (الصدر) ثم تُرجم حتى الموت امام عامة من الناس الا اذا استطاعت ان تنفذ بنفسها وتخرج من الحفرة (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا- النساء)، بينما يُدفن الرجل حتى الخصر !
ان صفة مجتمعاتنا الذكورية (البطريركية الأبوية) بدأت قبل الاسلام فكان مجتمعات أبوي تقليدية تعاني العجز والتخلف وانعدام الارادة في التغيير والتطور، وتفتقر إلى القوة الداخلية والوعي الذاتي للنهوض من ذلك التخلف والعجز. ومن أهم سماته النزعة الابوية – البطريركية التي تظهر في سيطرة الاب على العائلة. فالأب هو المحور الذي تنتظم حوله العائلة. وهو (رب) البيت وعموده، و سيطرة الأب في العائلة، شأنه في المجتمع، وهي علاقة تقوم على التسلط من جهة، والخضوع والطاعة من جهة أخرى ضمن العشيرة او العائلة في القيم والتقاليد وفي وسائل التربية والتنشئة الاجتماعية التي تعمل على تشكيل نمط الثقافة والشخصية، من خلال ترسيخ القيم والعلاقات الاجتماعية التي يحتاج اليها المجتمع الأبوي والشخصية البطريركية والتي -طبعا- سحقت المرأة ومحت دورها بين رحاها. ومن ثم تأصلت هذه الصفة (البطريركية الأبوية) عند ظهور الإسلام بسبب كل تلك المفاهيم المشرعّة للرجل والتمييز والتفضيل الذي نزلت به النصوص والسنة والمراجع الدينية، وهي أصل مشكلة عبودية واستهلاك المرأة والعائق الذي يقف امام حريتها والمطالبة بحقوقها كانسان بعيدا عن تلك النظم والقوانين الغير عادلة بتاتا والمرفوضة على الاصعدة الانسانية، فهي نزلت بحق امة ما لها ظروفها ومعطياتها وزمنها بما يتوافق ووضع المرأة آنذاك ومدى فعاليتها في الحياة والمجتمع، لذا نحن نندد ونرفض ان نظل مقولبات ضمنها ومقيدات بقيود لا تليق ولا تمد بصلة لشخص المرأة الآن وكينونتها وماهيتها. هناك الكثير الكثير من الشرائع والاحكام في مواضيع مختلفة كزواج المتعة والنكاح (العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة) والزواج المبكر وتعدد الزوجات وتشريع عبودية المرأة المبطن في النصوص وأحكام السنة وغيرها من الأمور التي سآتي على ذكرها في مقالات لاحقة بشيء أكثر تفصيلا.
1- من المسئول عن العنف؟ منشور في الجزائر والاسلاميين، تحرير.م.الاحنف و ب.بوتيفو وف.فريجوس (باريس،1990)
2-احكام القرآنج1،ص 189
3- مفاتيح الغيب،مج3 ج8، آمال قرامي، الاختلاف في الثقافة العربية الاسلامية.
|