|
***بسم الله الرحمن الرحيم***
الوقت هو عمر العبد، ولله در من قال:والوقت أعظم ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
وقال ابن القيم : (ضياع الوقت أشد من الموت لأن الموت يقطعك عن الدنيا وضياع الوقت يقطعك عن الله)، والوقت رأس مالك لأن عمرك الذي قدره الله لك أراد أن تنال به عز الدنيا ونعيم الآخرة، فإذا ضيعته ضاعت حقيقة دنياك وسلبت آخرتك، ولا خسارة على العبد أعظم من ضياع وقته، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((اغتنم خمساً قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل مرضك وحياتك قبل موتك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك)) رواه الحاكم عن ابن عباس، فهل يعد ضياع هذه الغنائم من سعادة المسلم؟، إذ بالوقت يستطيع المسلم أن يستغل كل ما ذكر في الحديث، ولو تصفحنا القرآن الكريم والسنة المطهرة لبان لنا ندم المضيعين لأوقاتهم، قال تعالى :{يوم يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي} [الفجر]، إنها حياة الآخرة قد سلبت وضيعت، وقال عليه الصلاة والسلام : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه)) رواه الترمذي وغيره عن أبي برزة، فهل ترى يا أخا الإسلام أنك بخير وعافية في يوم القيامة يوم أن تفحص الأعمال وتزلزل الأقدام، فلا نجاة هناك إلا لمن حفظ أوقاته، ومن هنا تعلم أن حاجتنا جميعاً معشر المسلمين لحفظ الأوقات شديدة ونكون قد حفظنا أوقاتنا إذا قمنا بالآتي:
1- أن تعلم قيمة الوقت فهو العمر، وهو أغلى من كل نفيس في هذه الدنيا، ولهذا يقولون : (الوقت من ذهب) وهو ينقضي بسرعة وما مضى منه فلن يعود أبداً، أرأيت ما للوقت من أهمية بالغة فكل ساعة هي محسوبة عليك، فإذا كان من ضيع الساعات والدقائق على خطر فكيف بمن ضيع الأيام بل كيف بمن ضيع الشهور والسنين.
2- يجب عليك أن تعلم أن الله وزع الأعمال الصالحة على جميع أعضائك فلله حق على عينيك، وسمعك ولسانك، وقلبك وعقلك، وجميع جوارحك، فإذا أردت أن تكون محافظاً على وقتك فاشغل كل عضو بما خلقه الله له، فعلى الأعضاء أداء أوامر الله وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم وعليها اجتناب نواهيه سبحانه ونواهي رسوله صلى الله عليه وسلم ، وعليها شكره سبحانه، والقيام بأداء كل عضو لما عليه، لا بد أن يكون مضبوطاً بالضوابط الشرعية من اتباع صادق وإخلاص متحقق، وصبر جميل، ولا يمكن أن يقوم المسلم بهذا إلا إذا تفقه في الإسلام، وعلم الواجبات والمنهيات بتفاصيلها، وهذا سهل بالتدرج وصعب جداً على من أراد ذلك دفعة.
3- استغل وقت الرخاء فإنه من أعظم العز والنصر لك في وقت الشدائد، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) فالعافية رخاء والمرض شدة، فكن على الأعمال الصالحة في حال عافيتك أحرص منها في وقت مرضك، والحياة رخاء والموت شدة، والغنى رخاء والفقر شدة، والشبيبة رخاء والمشيب شدة، والأمن رخاء والخوف شدة، ووجود الإخوة المناصرين رخاء وافتقادهم شدة، والحصول على الجاه رخاء وافتقاده شدة، ووجود صحة السمع رخاء وأخذه شدة، ووجود البصر رخاء وأخذه شدة، ووجود العقل رخاء وأخذه شدة، ووجود الرغبة في الأعمال الصالحة رخاء والفتور شدة، وما إلى ذلك، فإذا استغل المسلم وقته في الرخاء لم تنزل به شدة إلا انفرجت أو خففت عنه، فما أعز استغلال الوقت في طاعة الله حال الرخاء، وما أكثر المحاربة من كثير من المسلمين للوقت في حال الرخاء، والله المستعان.
4- مؤاثرة الآخرة على الدنيا، فلا بد لمن أراد النجاة دنيا وأخرى أن يؤاثر أخراه على دنياه، والناس بعكس ذلك إلا من رحم الله، قال الله : {بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى} [ الأعلى]، وقال تعالى :{وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون} [سبأ]، فمن أعظم توفيق الله للعبد أن يؤاثر الآخرة على الحياة الدنيا، وتكون المؤاثرة على الآتي:
أ*- على النفس.
ب*- على البدن.
ج- على الأقرباء.
د- على الأصدقاء والزملاء والأخلاء.
هـ - على المال وما إلى ذلك.
5- احذر تأخير العمل الصالح بدون عذر شرعي، فإن العجز والكسل داء عضال، فاجتنبهما، ولا تقل سوف أعمل في الغد أو بعد أيام.
6- لا بد من ملازمة أصحاب الهمم العالية الذين لا يرضون بشيء من تضييع الأوقات، فإن لم يتيسر ذلك ففي القراءة في الكتب التي ألفت حول استغلال الوقت وأحوال المستغلين له، ففي ذلك ما يدفع المسلم إلى التقدم إلى الله، والإقبال عليه.
|