الرجل الحصان - رواية -


لم أكن اتخيل أنه سيجلس ليحكى لى كل هذا وكأنه يدلى بـ اعترافه الاخير .. او فى جلسة مع طبيب نفسى .. ظللت آيام اتذكر كلماته أو حياته التى تحدث فيها باستفاضة غريبة .. جعلتنى اتعايش معها وكأنى جزء منها .. وكانى أحد اشخاصها .. بل توحدت وتقمصت احد الشخصيات وحلمت بعين الخيال لو أنى هذا الحصان ومرت بى كل هذه الاحداث وهذه الحياة ...



الرجل الحصان



الفصل الاول : فاطيما





البداية كانت فاطيما وحكاويها التى لا تنقضى ولا يمل منها .. كان دائم المبيت عندها يتجه فى خط مستقيم من منزله عبر الطريق القصير فى هذا الحى العشوائى الحديث الذى قام على انقاض حى سبور وكلاسيكى قديم ..
كانت فاطيما تسكن فى شقة واسعة حولتها الى بنسيون يسع الارامل ونساء أخرى فاتهن سن الزواج واصحبوا كالضرائر فيما بينهن .. كان مشروب السحلب اللذيذ الذى تصنعه له فاطيما فى الثامنة مساء كل ليلة وهو يشاهد مسلسل الصلصال روبى على القناة الثانية وبعدها يشاهدون النشرة الجوية ثم نشرة التاسعة وبعدها تبدأ حكايات فاطيما الجميلة التى لا تنتهى ولا يمل منها حتى العاشرة وبعدها يتجهان للنوم .. لتستيقظ هى فى الفجر وتظل مستيقظة حتى السادسة والنصف تعد له افطاره .. وتجهز حاجته وبعدها تمنحه شلن او خمسة قروش مصروف اضافى له قبل ذهابه الى المدرسة .. وظل هذا الروتين اليومى من المدرسة الى منزله وفى المبيت كانت فاطيما حتى وصل مرحلة البلوغ فاصبحت زيارته لفاطيما ايام الاجازة او لقضاء حاجاتها ولسماع الحكايات



...



سألته "عن فاطيما وكيف كانت واصلها وفصلها وحكايتها المستمرة التى لا تنتهى




......



عندما وفدت فاطيما الى القاهرة من قريتها لم تكن وحدها .. كان معها خمسة اطفال .. اربعة صبيان وطفلة عزيز وصفية وصديق ونجيب وحسام .. وثاراً جلبه لهم اباهم شوكت أو عنتر كما كانت تسميه .. المسجون فى قضية قتل عمه واخاه الغير شقيق .. وهربت فاطيما باطفاله بعد نية ابناء عمومتهم فى القصاص من عزيز الطفل ذو الثانية عشر .. فكان هروبها ولجؤها الى شقيقها النصف مقاول فى القاهرة .. ورغم تدهور الحال بها من عز الى هذا الحال الا انها ظلت تحتفظ بمظهر الهانم ذات الحسب ، و ارتدت ثوب القوة والصرامة ورفضت كل من تقدم لها واعتبرت نفسها الاب والام لهم ، واشترت طابق بالكامل فى هذا الحى الكلاسيكى بمصاغها حولته الى ثلاث شقق سكنت واحدة ، واجرت الاخرى لتتعايش منها .. ورغم وفاة حسام الصغير المبكرة فى حاث اليم .. الا انها لم تدع اى فرصة للضعف لينال منها .. وانما زادت من قوتها وحزمها .. ولكن المشكلة كان اهتمامها الزائد بنجيب الصغير الامر الذى اتلفه مع الوقت ليخرج من المدرسة مبكرا بعد ضربه لـ احد مدرسيه .. والحقته بالعمل عند احد الخواجات فى محل لتجارة الجملة .. واكملت المسيرة مع اشقائه .. وخرج عزيز بعد التوجيهية ليعمل ايضا فى محل لاحد الشوام المقيمين وانضم صديق للمقاومة الشعبية فى القنال وظل بها حتى قيام الثورة .. اما صفية فقد زوجتها بمجرد ان وصلت الخامسة عشر من حمدى احد الاقارب .. واستمر الحال هكذا وقد كبر الابناء وجائت الثورة .. وخرج شوكت بعفو شمل كل المذنبين بما فيهم الجنائيين خاصة وان قضيته لم تكن مكتملة وقت الحكم
لتجده يوما فوق رأسها مرة أخرى



...




: عادت اليه مرة اخرى
: never


:؟؟؟؟؟؟؟؟؟
...


طلقت فاطيما من شوكت اثناء سجنه .. وحصلت على حكم اخر بـ ضم الابناء اليها وعدم عودتهم اليه .. رفضت كل من تقدم لها اغلقت على نفسها وترهبنت وبدأت حياتها من جديد حتى كبر الابناء ..
عند عودة شوكت قابلته بفتور شديد .. حاول استرضائها بكل السبل لكنها رفضت العودة الى قاتل .. لم تثبت جريمته رغم سجنه الطويل ولكنها تعرفه اكثر من الاخرين ..


: حتى وان لم تكن قاتلا .. كنت خائنا كنت اعرف نزواتك وعشيقاتك .. حتى الخادمات والعبيد لم تسلم منك


...


عدت اساله فى دهشة
: هل كان هناك عبيد فى زمن فاطيما
: كانت فاطيما ذات نزعات عنصرية فالسود وسمر البشرة بالنسبة لها تنعتهم بالعبيد
. برغم من ان زوج ابنتها صفية كان داكن البشرة الى حد كبير وكذلك اثنين من اولاد صفية !!!


...


تعرف عزيز وصديق والدهم وانكره نجيب الذى لم يعرف الا امه .. حاول شوكت التأثير على الاولاد .. ليكونوا معه ولكنهم رفضوا وقرروا البقاء .. فعاد الى بلدته ليبدا حياته من جديد .. اشترى عزيز المحل الذى عمل به من صاحبه الشامى الذى هرب بعد الثورة .. وتطوع صديق فى الجيش رغم رفض فاطيما .. اما نجيب فقد تحول الى شوكت جديد تسبب فى الكثير من الحزن لفاطيما .. فقررت تزويج الاولاد .. واختارت لعزيز ابنة شقيقها كريمان ، واختار صديق لنفسه فريده ، وخطب نجيب لنفسه جيهان .. ورغم رفضها لكل من فريدة وجيهان الا انها لم ترد قبلت بالامر فى النهاية واشترت دورا جديدا فى العمارة حولته لشقتين تزوج فيهم عزيز وصديق فى ليلة واحدة
وبقى نجيب يؤجل زواجه لفترة .. حتى فسخ خطوبته فجاة وعاد لحياة اللهو مرة اخرى


...
ومع قيام حرب بورسعيد عاد صديق الى المقاومة مرة اخرى بعد استقالته من الجيش وانضم اليه اخاه عزيز .. واختفت اخبارهم تدريجا ليكون نجيب رب الاسرة فى غيابهم .. وقد اثار هذا التحول شىء داخله جعله يعشق دور الراعى ورجل العائلة .. ومع عودة اشقائه كان صعب عليه التنازل عن هذا الدور لعزيز مرة اخرى ، واعتمد على قوته الجسدية وتمرده فى هذا ، وبدأت المشاكل تظهر بين الاشقاء .. فقرر العزيز الخروج بزوجته وبناته من المنزل واتجه الى حى اخر .. وتبعه نجيب متنازلا عن الدور الذى وقف امام شقيقه الى اخاه صديق وقرر ان يعيش وحده بعيدا عن سطوة امه .. وبقى صديق بزوجته وابنائه لفترة لكنه قرر الخروج بعد ان زادت المشاكل بين الحماة والزوجة فــ أجر شقة فى نفس العمارة التى يقطن فيها نجيب .
وكان هذا بداية تدهور العلاقة بينهم



...




:ولماذا تدهورت العلاقـة
: لاتضع الديكة فى عش واحد ، ولا الاخ الاصغر مع الاكبر فى منزل واحد


:؟؟؟؟؟
.....
كان نجيب الاكثر شبها بعنتر او شوكت كما قالت له فاطيما .. اعتاد حياة اللهو وعشق النساء ، ولم يكن يحب الاستقرار .. كما انه ورث قوة والده واخلاقه ربما لهذا لم يكن ليستقر فى عمل او يبقى لفترة طويلة .. فى صغره ضربه استاذه والتحق بالعمل مع الخواجة ولم يكمل لان الخواجه امره بتنظيف فاترينة المحل ورفض .. بعدها عمل مع اخاه فى محل الشامى ولم يستمر لرفضه توصيل الطلبات الى المنازل .. فأرسلته للعمل مع خاله فى المقالات ليعمل فترة فى الحسابات وارتاح لهذا العمل ، ولكنه تشاجر يوما مع بعض الانفار فقرر العمال الخروج وترك العمل فطرده خاله .. واستمر الحال هكذا بنجيب حتى تعرف على احد الراقصات والتى اصبحت شهيرة جدا فيما بعد ولقبت بـ (التت او الشيك شاك شوك ) واقام معها علاقة وعمل معها فى الملهى التى ترقص به كحارس للامن .. لفترة ثم طرد بعد تشاجره مع احد الزبائن ، واخيرا عمل كسائق لدى احد البشوات السابقين وهو الامر الذى كان سبب شجاره الدائم مع امه وتسبب فى خروجه من المنزل


...


ومع سكن شقيقه صديق بجواره ومعرفته بفضائحه ورزائله بدات المشاكل فيما بينهم .. وزادت مع تدخلات فريدة المستفزة التى كانت تلقبه بالصايع تارة و البلطجى تارة اخرى .. وهنا قررت فاطيما ان تكون قريبة من ابنائها صديق ونجيب .. واجرت سكنها القديم الذى استقرت فيها منذ نزوحها للقاهرة لتأخذ هذه الشقة التى تعودت الذهاب اليها كل ليلة والتى تحولت مع الوقت الى بنسيون


...


استقر نجيب فى مهنته كسائق هذه المرة .. وخرج من التجنيد غير لائق طبيا بسبب ( الـ فلات فوت ) وقررت فاطيما حثه مرة اخرى على الزواج .. ربما يهتدى حتى وافق وخطبت له عائشة او سوسيلا الفتاة الارمنية التى اسلمت على يدها فى سكنها السابق .. لكن الفتاة لم ترضى به لسوء سلوكه وبذائته .. واخيرا وجدت ضالتها فى نوران



...


مع عودة شوكت الى بلدته ومصالحته لابناء شقيقه وعمه تخلت فاطيما عن مخاوفها من الثار .. او اى اذى قد يلحق بـ ابنائها .. وعادت تزور اقاربها كل فترة واخرى .. كان هناك فرعا اخر من العائلة نبذ منذ فترة طويلة لتعامل كبيرهم فى الماضى مع الانجليز ، وزواجه من انجليزية .. وهكذا ابتعد وتبرأت منه الاسرة ولكن بوفاته عاد ابنائه مرة اخرى واعترف بهم .. وكان لاحد ابناء هذا المنبوذ السابق أجمل فتايات العائلة ..
فى زيارتها للقيام بواجب العزاء شاهدتها طفلة ابنة الخامسة عشر وتسألت


: من هذه الجميلة


: هى ابنة لطيف ابن الانجليزية


: هى جميلة جدا بل جميلة الجميلات


وحاولت خطبتها فى نفس الليلة لنجيب ولكن سمعت ان عزت ابن العمدة طلبها لنفسه .. فحاولت مقابلة امها وحدثتها عن ابنها وحسبه وان ابنتها ستخرج من هنا لتعيش فى مصر وان ابنها افضل من ابن العمدة واوسم وافتى واقوى .. ولم تحصل على رد .. فبقت فى القرية واتصلت بابنها ليأتى وياخذها متعللة بوعكة
وحضر نجيب



...




: اعرف الحاج عزت فهو احد اقاربنا وتزوج والدى واحدة من اخواته يوما ، وكان عمدة قبل الغاء نظام العمودية وتصبح القرية تبع المجلس المحلى .. هو نفس الشخص

: اها نسيت اننا من نفس البلد .. نعم هو نفس الشخص فعلاً


...

من فى البلدة يمكن ان ترفض عزت ومن يرفض مصاهرة العمدة .. ترددت هذه الجملة امام فاطيما وهى فى انتظار نجيب .. كان عنادها هو المنتظر هذه المرة ، وليس رغبتها فى تزويج ابنها ..وكلما ردد احدهم الجملة كانت ترد ومن يكون هذا الــ عزت امام قوة ابنى نجيب وفتوته وشموخه .. كان عزت هو اوسم شباب البلدة بأكملها .. ورث عن جذوره الاناضولية هذه الوسامة التى نافست جمال النساء .. وكان بنزعته الارستقراطية ومركز والده القوى فى البلد يبدو كالامير .. وهو ممتطى فرسه مرتديا عبائته على ملابس افرنجية فقلما ارتدى الجلابية او اللاثة .. وكان الكثير من فتايات ونساء القرية ينتظرون مروره ليتملوا فى وسامته وشبابه

...

عندما اتصلت فاطيما بـ نجيب متعللة بوعكتها كان فى شجاره المعتاد مع فريدة زوجة اخيه .. وجاء اتصالها ليزيد من قلقه وعصبيته .. ولكن جملتها الاخيرة وهى تؤكد عليه بـ ارتداء ملابس جديدة والحضور فى سيارة الباشا الذى يعمل عنده ليجعله يشك فى ان امه تدبر لشىء غير طبيعى .. وبالفعل اتصل بالباشا مستئذنا السيارة وتهندم ،
وسافر

...

لم يكن هناك مقارنة فى الشكل .. عزت يفوز بالتأكيد .. ولكن فاطيما راهنت على جرأة ابنها وخبرته مع النساء .. كانت ترى فيه والده الشقى زير النساء .. وبغريزتها ايقنت انه فائز بقلب الفتاة وفى منافسته لهذا الـ عزت .. عند حضوره لفت النظر بسيارته الفارهة التى لم تراها القرية من قبل ، وطوله الفاره ومشيته المتعجرفة وكذلك هذه النظارة الشمسية التى لم يتعودها الناس حتى ان البعض من البسطاء ظنوه كفيفاً .. وكانت نظراته العابثة للنساء والفتايات المارين بدون حياء او خشى أو التفات لتقاليد البلد مثار تعجب .. حتى انه اوقف احدى الفتايات فى جراءة وسالها اسمها ووضع يده على رأسها بقحة واخذ يضحك عندما فرت هاربة ..
وعندما راى أمه تأكد أنها سليمة وانها تدبر لشىء .. خاصة عندما طلبت منه ان يتخفف من ملابسه ويشمر وأخذته للسير فى القرية .. وتعجب الناس من جرأة فاطيما وهى تسير مع ولدها متشابكين هكذا .. فالعادة ان الام كانت تسير خلف رجلها او ولدها .. وتعمدت فاطيما من المرور امام منزل الفتاة .. وعند دعوتها بالدخول .. دخلت على الفور وفى يدها نجيب

...

: ما رأيك ... جميلة جدا هاا

: لاتزال صغيرة .. ثم انى لن اتزوج من قروية متخلفة

: ما رأيك فى جمال الفتاة ... اوسم شباب البلد وأكثرهم سطوة ومكانة يريدها ، وانا اريدها لك .. او انك تخاف المنافسة .. لو لم يكن صديق متزوج لاخترتها له

: هى لى يا فاطيما هانم .. هى لى

...

وصل الخبر الى عزت فثار واتجه الى منزل الفتاة يطلب يدها .. وطلب والدها فترة للتفكير وسؤال الفتاة .. واستنكر عزت معنى فكرة سؤال الفتاة .. وردد فى سخرية حقا ابن انجليزية .. ثم اوقف نجيب متحديا ، وكان هذه المخاطرة من ناحيته تعنى الكثير لوسامته التى اختفى الكثير منها

...

عندما كان نجيب فى الثانية عشر تشاجر مع مدرسه الذى يفوقه بـ خمسة عشر عام على الاقل واصابه بعاهه، و كاد ان يدخل مؤسسة الاحداث بسبب هذه الفعلة ، لولا توسلات والدته والتعويض الكبير الذى دفعه خاله ، وانتهى به الامر بالطرد من المدرسة ، وظهرت معالم قوته وفتوته مع الوقت تظهر عليه فى وقت مبكر .. حتى انه وقف امام شقيقه الاكبر عزيز وهو فى العشرين مهددا اياه بعد عودة عزيز من حرب بورسعيد ومحاولته استعادة مركز راعى العائلة .. وكان اقتران نجيب بالراقصات والساقطات سببا فى معارك كثيرة انتصر فى معظمها وصقلت قوته بخبرة فى المشاجرات والمعارك ... وعندما تحداه عزت امام الجميع نظر اليه ببراءة غريبة وكانه لا يفهم ما يقصده الفتى الوسيم ... ثم تحولت براءته الى سخرية واضحة وهو يقول

: امشى من طريقى بجمالك هذا ، قبل ان احوله الى اطلال وبقايا وجه

واستفزت الجملة عزت ولكن لم يبقى على استفزازه وعزمه لفترة طويلة فلم تمر دقائق حتى حمل على الاعناق فاقد الوعى الى والده ... وعندما حاول الغفر التكالب على نجيب خرج والده اخيراً بالبندقية مهددا ووقف نجيب بسلاح اخر انتزعه من احد الغفر .. وعادت ذكريات عنتر زير النساء وقاتل اخاه وعمه تظهر مرة اخرى للجميع متمثلة فى شوكت الكهل وولده الذى يشبهه

نجيب

...

:وهل قبلت الفاتنة بهذا الوحش ؟ اشك
: لو لم تقبل لما اتيت ولا كنت هنا معك

:اه نسيت هههههههه

.....



انتشر خبر سقوط عزت وانسحاب غفر العمدة من مواجهة نجيب ووالده فى القرية سريعا .. وكعادة القرى الكلمة تتحور مئة مرة قبل ان تصل الحقيقة كاملة .. فعندما وصل الخبر الى الفتاة نوران كان نجيب قد ضرب عزت كف واحد صرعه وضرب عشرين غفير دفعة واحدة بيديه العاريتين .. حتى ان بعض النسوة بالغوا فى وصفه وجعلوه مثل ابو زيد الهلالى أو الزناتى خليفة .. وبعد المعركة القصيرة تعمد نجيب هذه المرة ان يتجول فى القرية وينظر للجميع فى شىء من التحدى وكأنه يتعمد التحرش بالناس او لاستعراض قوته .. وبغريزته ايقن انه مراقب من بعض النساء فكان يتوقف لربط حذائه ويراقب الشبابيك بين تارة ويمضى ضاحكاً ..وبالغ فى جرأته حتى وصل الى بيت نوران وحده دون والدته .. وقابل ابيها ثم طلبها لنفسه ، وعندما طلب الرجل مهلة لسؤال الفتاة .. ساله أن يرى الفتاة ويسألها امامه .. حتى ان الرجل استغرب هذه الجرأة الوقحة من جانب نجيب .. الا انه ببرود ورثه عن امه الانجليزيه وافق طلبه ، وهو متأكد من رفض ابنته لهذا الوحش الوقح ، ولكن المفاجأة كانت فى قبول الفتاة على الفور


...


: لن اعتمد على امى فى شىء .. كما انى لست كما قالت وهذه السيارة ليست ملكى ، ولكنى رجل جدع ، وكسيب واقدر افتح بدل البيت بيتين وبنتكم ستكون هانم معى .. ما رأيكم


: وماذا عن والدك وميراثك منه ؟

: انا لا اعرفه جيدا رغم موقفه الاخير معى ولا اريد منه شيئا .. امى هى كل شىء ، ولكنى ذو شخصية مستقلة ولا أحب الاعتماد الا على قوتى وحظى

: على خيرة الله .. متى تكون جاهز

: بعد شهر الشبكة وكتب الكتاب والدخلة فى ليلة واحدة ، ولكن هناك امر أخر .. أنا رجل لى نزواتى واخطائى .. سأحاول التخلص منهم ولكن مع الوقت .. اقولها الان حتى تكون الصورة واضحة امامكم ، ولا يتهمنى احد بالكذب والخداع

: نقرأ الفاتحة

...

تزوج نجيب من نوران فى حفل لم تعرفه القرية من قبل .. تكفل الباشا بتأثيث شقته ردا لجميل انقاذ نجيب له يوما من بعض المنافسين .. ووهبه الف جنيه هدية زواج .. دفع منها مئة جنيه مهرا للفتاة ليكون من اكبر المهور التى شهدتها القرية فى هذا الوقت واشترى شبكة بمئتين جنيه .. وجامله اصدقائه واقاموا له صيوان للفرح داخل القرية مضاء بالنيون ومعهم اسلحة تحسبا لاى موقف عدائى من جانب العمدة وابنه ... وجلست العروس بجواره فى تقليد غريب لم تعرفه البلد من قبل .. واحيا فرحه المطرب الشعبى الشهير عبد العزيز محمود والراقصة الشهيرة التى كانت ترافقه .. وعاد نجيب بجميلة القرية الى القاهرة .. وقد انس لها ولجمالها ،وبدأ فى الابتعاد تدريجيا عن عادته القديمة .. وظهرت فاطيما فى حياته بقوة بعد تغيره مثنيه على حسن اختيارها وعلى الفتاة التى غيرت من ابنها الشقى .. وقد جعل هذا التقرب من جانب فاطيما للفتاة الغيرة تشتعل فى قلب فريدة وكريمان التى كانت تصلها اخبار اقتراب حماتها ومودتها من زوجة سلفها البلطجى .. وزادت الغيرة فى قلوبهم بمعرفتهم ان الفتاة تجيد اداب الحوار وطريقة التعامل مع الصالونات النسائية .. وتعرف كيف تختار الملابس الافرنجية وهى المسالة التى كانت الحماة تعايرهن بها وتسخر منهن .. وعلمتها فاطيما طرق جديدة فى الطبخ عرفتها من جيرانها الشوام والارمن والخواجات .. وهو الامر الذى جعل نجيب يتعلق بعروسه اكثر واكثر ويبقى فى المنزل فترات طويلة بعكس ميوله الهوائية السابقة


...
الرجل الحصان
الفصل الثانى : نوران

...


: الى هذه الدرجة كانت جميلة

انتزع صورتها من يدى واعادها الى حافظته متصنع بعض الصرامة .. ثم ابتسم وهو يعيد ذكريات محببة واخذ يدندن بـ لحن لفيلم رومانسى قديم


....

كان الفارق بين نجيب واخواته نفس الفارق بين فاطيما وشوكت .. ورث اخواته اخلاق امهم العالية وتربيتها الرزينة ، وورث نجيب القوة والخشونة والوقاحة .. كذلك كان الفارق شاسع بين عروسه نوران وزوجات اخويه كريمان وفريدة .. رغم ان كلاهما من القاهرة ، ونالوا قسط من التعليم ولم يروا تراب القرى الا أن افتقدوا الى نزعة الهوانم التى كانت تفخر بها حماتهم .. والغريب ان الفتاة القروية كانت تجيد وبجدارة ما فشلت فيه الاخريين .. وهكذا اصبحت نوران هى محور اهتمام الحماة .. حاولت فريدة الاقتراب أكثر من نوران حاولت ان تتعلم منها ما فشلت فى تلقيه من حماتها .. حسدتها كثيرا على جمالها ونضارتها .. ولمحت اكثر من مرة نظرة تعرفها جيدا فى عين صديق كان يحاول موارتها خوفا من نجيب واحتراما للاخوة لكنه الجمال والفتنة .. انجبت فريدة قبل زواج نجيب بفترة طويلة ثلاث ذكور كانوا محور فخر صديق بعكس عزيز الذى انجبت زوجته العكس ثلاث فتايات .. واخيرا حملت نوران وجائها حملها ليزيد من فرحة حماتها .. وبعكسها كان نجيب الذى لم يكن يريد اى حمل فى هذه الفترة ويريد الاستمتاع بعروسه اطول فترة بدون شريك .. لكنه لم يبدى اى ضيق ازاء الخبر .. ولكن هذا الحمل انتهى سريعا بسقوط نوران الاول تابعه سقوطها الثانى واستمرت بدون حمل لمدة ليست بالقصيرة .. تغيرت فيها معاملة الحماة تدريجيا .. وظهرت مهارة فريدة فى الزن على حماتها لدفع نجيب بالزواج من اخرى حتى يفرح بعوضه ..

...

: لا افهم ولا اريد ان افهم أنتى من اختارتيها وعلمتيها وفرحت بها .. والان تطلبى منى الزواج مرة ثانية

: ثلاث سنوات ولم تنجب

: كله بيد الله ، ثم انا لا استعجل الخلفة

: انا اريد حفيد

: لك 9 احفاد من ولديك وبنتك ، وتريدين أكثر .. كفاية طمع يا فاطيما

: ستتزوج ..هذا اخر كلام

: حاضر يا امى ساتزوج ... إن شاء الله عندما يخرج اليهود من سيناء .. اعدك بالزواج مرة اخرى وقتها


....

جاء المولود الاول مع فرحة النصر ... تاخر مجيئه سنوات طويلة نوعا على الاسرة ، وفرح به نجيب فرحة عارمة ... طالبته امه ان يسميه محمد على اسم الرئيس الحالى والرئيس الاخر المخلوع ، وردها نجيب فى سخرية الاول نوبى والثانى اسمر البشرة هل تريدين حفيد زنجى ... وسماه مصطفى على اسم الباشا الذى كان يعمل عنده والذى وهبه السيارة قبل وفاته وخمسة الاف جنيه بدا بهم مشروعه لتجارة الملابس الحريمي الجاهزة .. وبعد عامين حملت نوران ثانية ، وكان الولد الثانى


يوسف
...

كانا عند صفية للصلح بين نجيب وحمدى.. بعد تنازل حمدى عن المحضر ضد نجيب اخيراً .. كان حمدى قد ادمن الحشيش واضاع مدخراته ومد يده على مصوغات صفية .. وعندما اعترضت ضربها بقسوة ، وطردها من البيت ، ولم تجد صفية احد ينصرها الا نجيب الذى يخشاه حمدى وكان يرفض دخوله لبيته او زيارته .. حتى لا يتشبه الاولاد بخالهم الصايع .. عندما شاهدها نجيب متورمة باكية .. جرى عليها وعرف انه ضربها من اجل الحشيش .. ورجع بها الى المنزل فوجد حمدى فى قعدة مزاج مع اصدقائه فأطلق يده فيهم حتى فقدوا الرشد .. وعندما افاق حمدى قرر عمل محضر له بعد تأكد ان علاجه يستلزم اكثر من 21 يوم .. ثم عاد وتنازل بعد رجاء فاطيما وعزيز وصديق وصفية

: كم شهر الان يا نوران

: فى السابع يا ابله صفية

: ولد إن شاء الله يا نجيب

: ولد او بنت لايهمنى الا نوران والرزق من عند الله

: تغيرت كثيرا يا نجيب

: الحمد لله الفضل لله ولامى و نوران

وتدخل حمدى فى الحديث فجأة ليظهر نفسه

: لولا انى اتصلت باللواء يوسف نجيب كان المحضر سيتجه الى النيابة ويصبح قضية


وامتعض نجيب وحاول الرد لولا أن سبقته صفية مقاطعة

: حلو اسم يوسف نجيب اذا جاء ولد يكون يوسف

يوسف نجيب


....
: كان انت ؟ يا الله كنت قد نسيت .. تخيل كل هذه الفترة كنت اظن انك تحكى احداث قد عايشتها ..

: كانت حكاوى فاطيما ، ونوران

: لكنك تسردها وبشكل مدهش .. حتى انا رغم تجاربى القصصية لاا جيد السرد الشفوى هكذا

: انها حياتى

: المشكلة فى الاسماء حتى ولو بدلتها .. هل لاحظت أن بلدتنا بها أكثر من عرق تركى رغم انها فى الجنوب والاتراك وافدين من بلاد شبه باردة

: هل تعلم ان الترك هم اصل يأجوج ومأجوج

!!!!!!!
....


كانت سنة السعد والفرح .. هكذا وصفتها وسمتها فاطيما .. بعد ميلاد يوسف باشهر انجبت فريدة يحيى ليكتمل ابناء صديق بـ اربعة ذكور ... تلتها كريمان بذكرها الاول بعد ثلاث فتايات سماه عزيز عبد الرحمن يومها رقصت فاطيما الوقور من الفرح .. وذبحت واطعمت الفقراء وتصدقت بثلاثة الاف جنيه .. ومع مرور السنين توالى ابناء وبنات نوران فانجبت بعد يوسف ابنة اسماها نجيب جيهان وحزنت نوران وقتها للاسم لانه ذكرها بحبيبته وخطيبته الاولى .. وبعدها انجبت توفيق والذى جاء فى نفس السنة مع ماجدة ابنة صديق ، واسماء ابنة عزيز وبعدها كان شريف والذى ولد فى نفس سنته لعزيز عمر وأكتمل ابناء نوران ونجيب فى النهاية بـ ملك اخر العنقود والتى اتت بعد ميلاد يوسف بـ عشرين سنة

...

لم تكن العلاقة التى تربط بين نوران وفريدة وكريمان حميدة وايضا لم تكن مبتورة .. ورغم علاقة اخوة الرضاعة بين يوسف ويحيى ، وماجدة وتوفيق .. وكذلك محاولات فريدة المستمرة للتقرب من نوران .. الا ان نوران التزمت بتعليمات زوجها بالابتعاد عن فريدة وصديقاتها وكان يلبقها بـ السماوية بتاعة الاعمال والسحر .. فى حين ان كريمان اثرت الابتعاد والبقاء فى برجها العالى مع زوجها وابنائها بعيد عن الـــ البيئة والغوش كما كانت تسميهم ، وكانت كراهيتها لنجيب الذى اهان عزيز يوما واضطره للخروج سببا لانعكاس كراتهيتها على نوران ..

....

جاء الانفتاح ليعلو من شان الاسرة ..تملك عزيز خمس محلات لتجارة الجملة ، وارتفع شان صديق الذى عمل فى بيع اكسسوارت السيارات بعد خروجه من الجيش وتوسع اكثر حتى اصبح يملك معرض للسيارات ، اما نجيب فقد ابتكر او اقتبس فكرة المحل المتعدد الطوابق واشترى قطعة ارض وبنى عليها خمسة طوابق كاملة حولها لمحلات لبيع الملابس الجاهزة .. وبعكس اخواتها تدهور حال صفية بعد سجن فتحى بتهمة الرشوة .. لتعود وترتمى فى احضان اخواتها ثانية ، ويتقرب الاولاد من اخوالهم

...

رغم ان صفية حاولت دفع اولادها للاقتراب من اخواتها عزيز وصديق الا أن الاولاد انجذبوا لخالهم نجيب أكثر .. كانت كريمان زوجة عزيز هى المسيطرة على زمام الامور فى بيت خالهم وتتحكم فى كل شىء .. حتى ان نجيب كان يسخر من ضعف اخاه الاكبر دائما وقوة زوجته واطلق عليهم فيما بعد .. مع عرض مسلسل الشهد والدموع . حافظ ودولة . مشبها العلاقة بين اخوه وزوجته ببطل المسلسل وزوجته .. ونفس الامر تكرر مع خالهم صديق رغم طيبته وكرمه وسخائه الا انه بدا لهم بدون مشاعر ويكتفى بالنظرات الغير مفهومة فقط .. ولكن نجيب فكان احتضانه لهم ومضايفته وطريقة حياته واسلوب حديثه معهم جعلهم يشعرون بصداقته لهم قبل قرابته ، ورغم تكفل صديق بمصروفات الاولاد ومعاش صفية الا ان نجيب اصر ان يكون له دور ولو بسيط وكان يغدق على الاولاد بدون علم صفية وتمادى فقرر لعب دور الاب معهم ولاول مرة يرى الاولاد احدا يزورهم فى المدارس ليطمئن عليهم غير امهم وجدتهم فاطيما

...

:اذن فـ العلاقة كانت قوية بين نوران وصفية
: من قال هذا ؟
: هذا التقارب الذى ذكرته
: كان تقارب بين نجيب وابناء اخته .. اما صفية فـ كادت تتسبب فى خراب البيت
: ؟؟؟؟؟؟؟؟
.......

توترت العلاقة بين نوران وصفية بمضى الوقت وربما بسبب فريدة وعلاقتها الحميمة بصفية .. كان صفية تفضل صديق الذى يصغرها بعام عن باقى اخواتها وتلقبه دائما بـــ البطل لمواقفه فى الحروب وايام المقاومة ... وحتى ايام عزها برغم انقطاعها عن عزيز لبرودته وضعفه وزوجته المتكبرة ، ونجيب بأمر زوجها .. الا انها كانت تواصل صديق وعائلته دائماً .. ومع اقترابها اكثر عادت فريدة لطبعها القديم للزن والتلميحات عن نجيب ونوران ، وكيف يدللها برغم مرور سنوات على زواجها ويبالغ فى ذلك بشكل يلفت نظر الناس ويثير الاقاويل والسخرية .. ونقلت صفية الكلام الى فاطيما فردتها امها بخبرة العجائز

: اخوك نجيب الوحيد فى ابنائى كان له علاقات ومغامرت نسائية ، ويعرف كيف يعامل زوجته ، وهو حر فى حياته وهى زوجته وحقها يدللها .. يكفى انه اهتدى على يديها

لكن صفية لم تقتنع بكلام امها واضمرت لنوران

....

: لمن كل هذه الزينة والعطور .. الاحظ انك تهتمين بزينتك بشكل مبالغ يا نوران

: نجيب يريدنى فى اجمل صورة دائما هو من يحب الزينة وهو من يشترى العطور والملابس

: نجيب فى المحل ما فائدة الزينة وهو بالخارج

: افهم تلميحات لا اقبلها يا ابله صفية

: سمعت انك تخرجين سافرة يا بنت

: اسمى نوران يا صفية ، واحترمى الفاظك ولا تنسى انك فى بيتى

: انا فى بيت أخى ولى حق فيه مثلك واكثر

: اخوك !! سبحان الله .. كان فى الماضى الصايع البلطجى .. سبحان المعز المذل

: تعايرنى يا بنت الانجليزى ، يا حفيدة النصرانية يا زوجة البلطجى

: الله يسامحك يا صفية .. صحيح ابى نصف مصرى لكنه لم يقتل ، ونجيب ربما كان بلطجى ، ولكنه لا مدمن ولا مرتشى ولا مسجون فى قضية مخلة بالشرف والسمعة مثل زوجك

: اخرسى يا بنت الكلاب .. والله لا اعمل على طلاقك

: اخرجى يا صفية من غير مطرود .. وجودك غير مرغوب فى بيتى



....


: ساعمل على طلاقها من نجيب ... ساموت لو لم يطلقها

وافقتها فريدة على الفور وهى تزيد من النار فى وسواسة شريرة ، تنبهت فريدة لانصات ابنها حسام لما تقول فسكتت وطلبت منه الخروج .. واوقفته صفية

: اين تذهب يا ولد

: ازور ماما نوران

صفعته صفية فى عنف امام فريدةوهى تصرخ فى جنون


: امك هى فريدة.. نوران زوجة عمك فقط وهى عدوة امك وابوك وعمتك فهمت

: هو متعلق بها يا ابله صفية ، وهى من ربته دعيه يزورها هو ولد صغير ومريض

: اخرسى يا غبية .. انت اغبى ام عرفتها تتركى ابنك لعدوتك

: ارجع غرفتك يا حسام


...

جاء حسام قبل زفاف نجيب ونوران بشهور .. سماه صديق على اسم شقيقه الراحل فى صغره وكان الولد هو الاقرب الى نوران من جميع ابناء العائلة ، حتى ان نجيب حذرها من تدلليلها المبالغ له حتى لا يتعلق بها اكثر وينفر عن امه .. وحدث ان اصيب حسام بحمى فى صغره ووصف له الطبيب علاجا خطأ اصابه بشىء من الشلل فى جانب وجه الايسر .. ورغم مشاكل ومشاجرات فريدة ونوران المستمرة الا حسام كان قريبا جدا من نوران .. وتركته فريدة لها بعد تأخر انجاب نوران وتعلقها بالولد .. وفصلت بين مشاكلهم وبين حبها للصغير وتعلقه بها ،وبعد انجاب نوران لـ مصطفى ويوسف لمح لها نجيب بـ الا تفيض فى تدليل الولد حتى لا يغار ابنائها منه ، وردته يومها

: حسام ابنى البكرى ولن اتركه حتى يكبر ويتزوج ان شاء الله

....


فوجىء نجيب بــ صفية وفريدة ومعهم سميرة الخياطة صديقة فريدة وام هند جارتهم سيئة السمعة فوق رأسه فى المحل .. ورغم ضيقه من وجود النساء سيئات السمعة سميرة وام هند مع اخته الا انه رحب ودعاهم لمشاهدة احدث الموديلات بالمحل ظناً بوجودهم للشراء ولكن صفية اوقفته قائلة

: نوران طردتنى من بيتك واهانتنى بعد سؤالى لمن تتزين وتتعطر وانت فى الخارج

: وحدى الله يا صفية نتكلم فى البيت

: نوران تخونك يا نجيب .. الجيران تكلموا عن رجل غريب يظهر فجأة بعد خروجك ، وفريدة تقول أنه كان فى العمارة ، وام هند وسميرة يشهدوا انه كان معها فى حديقة الميدان

: اتقى الله يا صفية .. جزاء رعايتى لاولادك تتهمى زوجتى فى شرفها .. لولا انك اختى لدفنتك مكانك

: الشهود هنا ومستعدين للقسم

: اى شهود ؟! فريدة التى تذهب للساحر من وراء صديق تعمل الاعمال وتخرب البيوت وتسقط الحوامل ، او سميرة القوادة ، او ام هند العاهرة صاحبة ملفات الاداب والسوابق .. اتقى الله يا صفية مرة ثانية ، تطعنى اخوك فى عرضه .. حسبى الله ونعم الوكيل


....

... لم يعد نجيب الى البيت بعد الاغلاق وانما اتجه الى فاطيما وحكى لها ما جرى وسالها أن تتحرى الحقيقة بنفسها ، ورفضت فاطيما مؤكدة أن نوران بريئة وشريفة ، وان صفية اصابتها نار الغيرة بسبب الحرمان وابتعادها عن زوجها المسجون ، ومن تدليله لـ نوران امامها دون مراعاة مشاعرها ، وفريدة تعمل على خراب بيته لكراهيتها زوجته الجميلة ، وتوسلت له الا يؤذى نوران او يستمع لوسوسات الشيطان

....

عاد نجيب الى بيته متأخرا .. راته نوران مهموما فلم تحدثه واكتفت بـ اعداد عشائه ووضعت جيهان امامه على الطاولة كما يحب ان يراها وهو ياكل ، لكنه لم ياكل لقمة وطلب منها ان تضع الصغيرة فى فراشها وتعود لامر هام

واخيرا قرر مواجهتها

: تخرجين بدون اذنى وتقابلين غرباء يا نوران ؟

: صفية ؟!!

: ما دخل صفية او سيرتها انا لم اذكرها

: كانت هنا تشاجرنا وطردتها

: اسألك تخرجين بدون اذنى وتقابلين غرباء

: تشك في يا نجيب ؟ ... حسبى الله ونعم الوكيل

: بدون بكاء أو دموع انا اصدقك . قولى لا ، وانا اصدقك

: عمى ...

: اخرج يا حسام ونادى امك وعمتك

: عمى .. ماما نوران وعمتى صفية تعاركوا ، وسمعت عمتى تحلف انها ستعمل على طلاقكم .. وامى احضرت صديقاتها ، واتفقوا على ماما نوران .. انا سمعتهم


وكانت اول مرة ترى فيها نوران دموع نجيب

.....

الرجل الحصان
الفصل الثالث : الاولاد



: هل انتهى دور شوكت فى حياتكم هكذا . لم تعد تذكره ؟

بالعكس لقد ظهر شوكت مرة اخرى وبقوة وكان السبب فى انهاء القطيعة


....

مرت سنوات على هذا الحادث وكانت القطيعة بين الاشقاء .. اقسم نجيب انه لن يحدث صديق مرة اخرى لو لم يطلق فريدة وينظف حياته منها ... ونشبت معركة بين صديق ونجيب بعد ان ازدادت تحرشات نجيب بـ فريدة وسبابه لها فى كل وقت .. وانتهت بتبرأ صديق من نجيب كما سبق وتبرأ نجيب من صفية .. وفشلت محاولات فاطيما وعزيز لاحتواء الموقف أو الصلح بينهم .. وبدأ صديق هذه المرة اكثر صلابة عن ذى قبل وهو المعروف بصمته الدائم ولا مبالاته بما يحدث حوله وهو الامر الذى جعل فاطيما وعزيز يؤمنوا بما يقوله نجيب عن فريدة انها صنعت عملا أو سحرا لصديق كان يجعله جامدا وبارد المشاعر تجاه اخوانه فقط

....

كبر الاولاد ورغم القطيعة الا ان الاباء سمحوا لهم بالزيارات والابتعاد عن مشاكلهم الشخصية ... وخرج حمدىمن السجن وقد شفى من الادمان وتحول الى التدين الشديد وكانت اول بادرة له ان يحاول الصلح بين الاشقاء ، ولكن محاولاته بائت بالفشل .. فأكتفى بما فعل وان اصبح يود ويزور الجميع على عكس ما كان فى السابق .. اما نجيب وعزيز فرغم المقاطعة الباردة التى كانت فى الماضى الا انهم اصبحوا قريبين جدا فيما بينهم بعد ذلك وتعددت الزيارات بينهم وبين اسرهم ، وكان عزيز قد سقط فى هوة الضرائب وكاد ان يفلس لولا تدخل نجيب الذى عرف اخباره من المحامى ودفع قسطا كبيرا من الضرائب عن اخيه ومن هنا عادت العلاقات بينهم .. ثم كان هذا العريس الثرى الذى تقدم ل هبة ابنة عزيز الكبرى وجاء من طرف نجيب وفتح مجالا للعلاقات بين نجيب وكريمان ابنة خاله .. التى كانت تمقته فى الماضى ، والتى انقلبت كراهيتها الى اعدائه بما انه ابن عمتها وشقيق زوجها الذى ساعده بما فيهم صفية وفريدة ، والتى امرت عزيز بعدم دخولهم بيتها أو اولادها ..


....


ظهر شوكت فجأة ... فتحت فاطيما بابها يوما لتجده امامها مستئذنا فى الدخول ... كان قد تزوج وانجب اربعة فتايات وصبى ، وظهر لها وكان الشيخوخة لم تؤثر فيه كثيراً فـ لايزال يبدو صلبا قويا ..اخبرها انه تاب عن افعاله الشريرة فى الماضى .. وقرر ان يؤدى فريضة الحج ولكن يخشى ان يأتيه اجله فى الحرمين وهناك حقوق لها ولـــ اولادها فى ذمته .. وطلب منها ان تحتفظ معها بعض الاوراق لابراء ذمته .. عندها قالت له ان يبدو اصبى واصغر منها وقد تسبقه الى القبر .. فـ اذا اراد ايداع الاوراق فى مكان امن ليكن عند محامى او احد ابنائها وهنا سألها

: من فى اولادك تستأمنين

: صديق هو اكثرهم امانة ولكن زوجته شريرة ، وكذلك عزيز زوجته تحركه كما تريد ، نجيب هو الوحيد الذى يملك قوتك وخصالك

: ليكن نجيب

واتجه الى المنزل الذى يقطنه نجيب وصديق دون ان يعلم بالقطيعة بينهم .. قابلته فريدة عند مدخل العمارة وتعرفته ورحبت به .. ودعته الى منزلها اولا ، وعندما سالها عن نجيب وزوجته ردت انه فى محله لاياتى فى هذا الوقت كثيرا وزوجته خرجت لتسوق والاولاد فى المدارس ولا احد هناك وبدات تشكى معاملة نجيب وزوجته لها .. ولكن قاطعها صراخ ام هند

: ابنك يا فريدة .. انجدى ابنك ناصر يا فريدة .. الشربينى بيسحله وناوى على قتله

....


كان الشربينى احد الفتوات والبلطجية فى الماضى .. وكان نجيب فى احد الايام من اتباعه واصدقائه المقربين .. ولكن نجيب ابتعد عنه تدريجيا بعد عمله عند الباشا .. ثم انقطعت صداقتهم بعد زواجه .. ثم كانت المشاجرة الرهيبة بينهم ذات يوم عندما تحرش الشربينى بـ سميحة ابنة خاله وشقيقة كريمان يوم حضورها لسبوع يحيى ابن صديق .. و شاهده نجيب يحاول لمسها وكانت معركة قال نجيب يوما انها اطول مشاجرة له فى حياته واستمرت نصف ساعة كاملة وانتهت بكسر رجل الشربينى ، وتسببت فى عرجه بعد ذلك ... بعدها انتهت اسطورة الشربينى والذى فتح مع الوقت محلا لتجارة مواد البناء يخفى به عمله الحقيقى فى تجارة المخدرات والحشيش من الباطن .. وصل الى مسامع الشربينى ذات يوم أن ناصر ابن اخو نجيب يخرج مع ابنته هدى ويتقابلا كل يوم .. ولمح احد رجاله يوما انه شاهد الولد ناصر يقبل بنت المعلم شربينى ، وزادت الاقاويل عن بنت المعلم وابن اخو نجيب الذى كسر عينه من قبل ، واخيرا قرر تتبع الفتى ورأه بنفسه مع ابنته فى احد الحدائق .. وكان نفس اليوم الذى اوقفه فيه وبدا فى ضرب الولد ناويا على قتله .. وراته نوران وام هند فى نفس الوقت وهو يسحله فى الطريق الى منطقته فــ القت نوران بشنطة الخضار وتعلقت برقبة الشربينى محاولة تخليص ابن سلفها من هذا الوحش وجرت ام هند لاخبار امه

....


: بتضرب امرأة و ولد يا عار الرجال

قالها شوكت وهو ينقض بقوة رغم كهولته على الشربينى .. ورغم قوة الشربينى الا ان عنتر تمكن منه اكثر من مرة .. وصودف فى نفس اللحظة عودة نجيب الذى شاهد الزحام فاتجه اليه فى فضول وراى اباه فى عجب وهو يرفع الشربينى اكثر من مرة ويطرحه ارضا فى قوة غريبة على هذا السن ، وانقض بدوره على الشربينى .. وتعمد اذلاله فـ حمله الى شارعه وضربه امام الجميع بما فيهم زوجته وابنائه ووقف متحديا فلم يجبه متحدى

....



: الدهن فى العتاقى ... ابى كان يضرب الشربينى وكأنه محمد على كلاى

: الحمد لله انك وصلت فى الوقت المناسب كنت فى غاية الارهاق، وامراتك جدعة وقفت لهذا الكلب وقفة رجل ، ورجل جدع ... تستحق تكون ام اولادك يا نجيب

: الحمد لله على كل شىء ، و الولد ناصر سليم ولم يصبه الكثير .. مجرد كدمات بسيطة وغير مؤثرة

واضاف ضاحكا

: لن يحصل على علامات الشرف ونياشين الشجاعة على وجه

ههههههههههه

.....
: انتهت القطيعة اذن كما اظن والتم الشمل

: تقريبا ، ولو بشكل مؤقت ..

: لم افهم وضحلى اكثر

: لقد كبر الاولاد ..

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

.....


كان انقاذ الفتى ناصر ومحاولات نوران للدفاع عنه رغم ما نالها من صفعات دليلا كافيا على اصالتها قبل ان يكون لشجاعتها .. ودفع فريدة وصديق الى الاعتذار قبل الشكر وكادت فريدة ان تقبل يدها على صنيعها لولدها .. ونجح شوكت فى الصلح بين صفية ونجيب ايضا ولكن نجيب اشترط لقبول الصلح ان تعتذر اخته لزوجته اولا .. وان قبلت نوران وهى التى طعنت واتهمت ليس هو ... وهكذا عادت العلاقات تدريجيا ، واقترب عزيز اخيرا من اخواته وبدأت الزيارات العائلية ، وآحياناً النسائية فقط بين بيوت الاشقاء

....

كبرت فاطيما وظهرت امارات التقدم فى السن وامراض الشيخوخة تهاجمها بقوة .. توسل لها ابنائها ان تقيم مع من تختاره منهم .. لكنها انفت ان تعيش كـ حماة عجوز تحت رحمة سيدة البيت من زوجات ابنائها .. واقترحت نوران أن تختار حماتها احد الاحفاد بالمبيت عندها كل ليلة كما يحدث فى بعض الاسر الانجليزية وتبقى كما تريد معززة مكرمة ، ولاقى اقتراحها ترحيب فاطيما .. وطلبت فى البداية سلوى بنت صفية للمبيت معها بما انها البنت الوحيدة والمضطهدة دائما من اشقائها .. ولم تبقى سلوى طويلا ، لمحها حكيم ابن خالها صديق تتحدث مع احد شباب عمارة فاطيما وتشاجر يومها مع الشاب واخبر عمه نجيب ، والذى قرر بدوره عدم المبيت لاى بنت منذ الان ، وتطوع حكيم للمبيت مع جدته يوميا لكنه ايضا لم يبقى طويلا

....

كان حكيم هو شوكت الثالث ونجيب الثانى ... لم يكن الفتى الرومانسى مثل اخوه ناصر ولا البرىء مثل حسام ، وتكرر رسوبه أكثر من مرة فى المدرسة حتى تم رفده .. فـ اخذه والده معه للعمل فى محل الاكسسورات ، لكنه كره التعامل مع والده الصامت لدرجة الملل ،وطلب من عمه نجيب ان يعمل معه ، ووافق نجيب على الفور ، وطالبه بـ ان يكون لطيف ومتفاهم مع الزبائن خاصة وان اغلبهم من النساء والفتايات ، ورد الفتى يومها

: وهل يوجد رجل يكره التعامل مع النساء والجنس اللطيف

وضحك نجيب وجلجل فى قوة وفخر ساخر

: ابن حلال مصفى يا حكيم .. طالع لجدك وعمك نجيب .. الحمد لله ظهر فى العائلة رجل يكمل المسيرة المتوقفة منذ زواج عمك

وعلم الفتى كيف يهتم بنفسه واناقته وكيف يتحدث الى الجنس الاخر ويظهر اجمل ما فيه من قوة وشباب وفتوة ورجولة ووسامة .. ولكنه اكتشف مع الوقت ان الفتى حكيم على علاقة غير مشروعة مع هند ابنة الجيران سيئة السمعة مثل امها .. وجدها نجيب فرصة سانحة لتخلص من ام هند وتحدث الى فريدة لتقطع علاقتها بهذه المراة الوضيعة حتى لا تتسبب فى ضياع مستقبل ابنها .. واشاع الخبر بشكل خفى فى المنطقة وحتى صاحب العمارة حثه على طردها ووضع سمعته فى كفة والعائلات المحترمة وهذه المرأة وابنتها فى كفة ، وظل هكذا لفترة حتى رحلت المراة وابنتها ، ولكن نجيب فى غمرة حماسه بمحاولة طرده لـ ام هند وابنتها نسى توبيخ أو لوم ابن اخيه وكأنه لم يفعل اى شىء و تمادى الفتى اكثر واكثر وادمن العلاقات النسائية فى سن مبكر ، حتى ظبطته فاطيما متلبس يوما فى حجرة احدى نزيلات البنسيون ، وكانت فضيحة بجلاجل خاصة ان فاطيما قررت طرد هذه المطلقة التى تتلاعب بالمراهقين عارية


....

وصل الامر الى صديق اخيراوعرف بعلاقات ابنه السابقة بهند وغيرها .. واتهمت فريدة نجيب بـ افساد ابنها وحثه على الرزيلة ، وحاول نجيب الدفاع عن نفسه وانه لم يدخل ام هند بيته ولم يترك الفتى المراهق مع البنت اللعوب منذ البداية .. الا ان صديق قابله بنظرات صامته حزينة احرجت نجيب فخرج

...

قرر صديق تأديب ابنه من جديد ... ضربه بشده وعنف مبالغ تسبب فى كسر زراع الفتى وشوهت الكثير من وسامته وحلق له شعره وحبسه فى غرفة الخزين بدون طعام او رعاية ، وكاد الفتى ان يموت توسلت فريدة لصديق أن يسامحه وكان رد فعله هو الصفعة الاولى فى حياتهم الزوجية ، تحول صديق الطيب الصامت الى شخص اخر .. هددها بالطلاق لو تكرر هذا الامر مع اى من اولاده ثانية وامرها وللمرة الاولى فى حياته بقطع علاقتها بكل صديقاتها والجيران وتحاول ان تتعلم من نوران اى شىء فى حياتها المستقرة بدون جيران واصدقاء .، وزادت حالة الفتى حكيم سوء فى اليوم الثانى واخذ يئن فى الم متصاعد جعل فريدة تصرخ بشدة وتتوسل لصديق وتعاود تقبيل يده وقدمة ليغفر له ، وصديق لا يلين ، ولم تجد الا نجيب لتستنجد به لانقاذ ابنها


....

كسر نجيب الباب اخيرا بعد مقاومة صديق الشرسة له .. وما ان شاهد الفتى حتى انفجر فى اخيه القاسى ، وانهارت فريدة لرؤية ابنها الفاقد الوعى من الالم ظنته فى البداية ميت لولا ان استجاب لهزات نجيب ..واخذه رغما عن صديق الى شقته واحضر له الاطباء والعلاج حتى اقترب من الشفاء .. ومنع ابوه من رؤيته نهائيا حتى شفى يومها حاول نجيب توبيخ اخوه لفعلته لولا ان قاطعه صديق فى عنف

: اخرج يا نجيب .. اخرج من حياتى كلها ، انت تتلف اولادى وتفسدهم حتى بدون تدخل منك .. كلهم معجبين بك وبمغامراتك.. اخرج قبل ان اقتلك او اقتل نفسى

....

كانت بداية الزيارت الليلية ومشروب السحلب اللذيذ ، وحكايات فاطيما التى لا تنتهى
..

لم يرحل نجيب بسبب صديق كما ظن الجميع ، وانما هو من كان يخطط لهذا منذ البداية ، واخفى الامر لفترة طويلة حتى عن نوران لمفاجأتها بفيلاتها .. البداية كان مع مشاهدة هذا الفيلم فى السينما كعادتهم مساء الاربعاء وقتها تمنت نوران لو تعيش فى فيلا مثل التى رأتها فى الفيلم واقسم لها أن تكون لها اجمل منها ن وبالفعل اشترى قطعة ارض بجورا بنسيون فاطيما .. وطلب من مهندس ان يصمم الفيلا بنفس الشكل الذى تمنته زوجته ، لم يستعجل فى البناء كان يكملها على فترات كلما سنحت الظروف او توفرت الاموال .. حتى فاطيما استغربت من تواجده على فترات فى البنسيون للغذاء او للراحة على عكس عاداته ، واخيرا انتهت فيلا نوران كما تمنتها وانتظر نجيب فترة حتى ينتهى تشطيبها الداخلى وتأثيثها ... حتى كانت مشاجرته الاخيرة مع صديق ، ووافق على الرحيل
كان لقاء فاتر بين الاشقاء قبل الرحيل والغريب ان فريدة قبلت يد نجيب وهى تشكره على انقاذ ولدها ، لكن نوران كانت تبكى فى حرقة شديدة وهى تحتضن الفتى حسام حتى انها توسلت لصديق وفريدة ان يسمحوا للولد بزيارتها او تزوره هى ، وقتها قال صديق

: حسام ابنك وانت امه يا ام مصطفى ، وهو بالذات لن يمنع عن زيارتك وانت تشرفينا فى اى وقت يا بنت الاصول

اما نجيب فقال لفريدة فى مرح ساخر

: واخيرا تخلصتى من سلفك الصايع البلطجى يا فريدة رغم انى فى العمارة من قبلكم ... وداعا
،

ولكنه كان يعد لمفاجأة لـ صديق وابنه حكيم

...
انتقل نجيب الى شقة مفروشة بصفة مؤقتة ، رفض عرض صديق بشراء الشقة ، واحضر مقاول ليهد جدران الغرف ويفتحها على بعضها .. وجعل غرفة مستقلة تصلح لغرف نوم ، واخيراً ملأها بالبضائع والملابس وضع لفتة على الشقة تفيد بانها محل للملابس النسائية .. يومها لطمت فريدة وقالت سياتى بــ زبوناته الى العمارة يال وقاحته ، لكن نجيب كان قد كتب المحل بـ اسم الفتى حكيم متحديا بهذا صديق وكأنه يعاقبه ، وطلب رؤية الفتى ليسلمه مفاتيح المحل

: هذا مشروعك وراس مالك .. انت الان رجل وتاجر لا تخذلنى وتخسر مشروعك بسرعة واى بضائع تحتاجها لا تتردد فى الاتصال او الزيارة فلا عودة لى مرة اخرى

: عمى لا اجد ما اقوله .. محل كامل وبأسمى والله هذا كثير

: انت ابنى يا حكيم ومثلك مثل مصطفى ويوسف وشريف .. كما انك من سيخلفنى فى الملاعب كما خلفت جدك من قبل، وانت من سيكمل مسيرتنا العنترية ههههههه

: الله يعطيك العمر والصحة يا عمى انت الاصل

: لا تشارك احد حتى اخواتك لاتدخلهم فى شراكة معك ولا تبخل عليهم ، ولاتخبر اى مخلوق كم تكسب او تربح حتى امك او زوجتك فى المستقبل

: افهم يا عمى انت علمتنى الصنعة

فضحك نجيب وهمس فى اذن الفتى

: ولا تبتعتد عن الجنس اللطيف فمنهم نتعلم كيف نكون رجال ... لا تصدق كلام ابيك ان الرجال تصنع رجال .النساء فقط من تصنع الرجال ، ولا تحب عشيقة ولا تعامل رخيصة على انها هانم ، ولا تتزوج الا من تحبك لانك حكيم فقط لا حكيم التاجر ، ولو تزوجتها اقطع كل علاقاتك بغيرها وتعيش رجل سعيد مثل عمك

: والله تمنيت لو ان ابى يكلمنى هذا الكلام ولو دقيقة

: ابوك رجل طيب و يحبكم بشدة ، وهو افضل اب فى الدنيا لا تكرهه ولا تجعله يكرهك

وداعا

.....
: لم تبتعدوا كثيرا اذن .. المسافة ليست بعيدة وتقريبا نفس الحى

: ابتعدنا واقتربنا ولكنها كانت بداية ظهور الحصان

....


فرحت فاطيما بهذا القرب وهذه الجيرة ، وتنازلت فى بعض الاوقات وكانت تبيت فى فيلا ابنها نجيب ، ثم عادت واخترت حفيدها يوسف ليكون معها فى المبيت كل ليلة .. ورغم اعتراض نجيب فى البداية الذى اختار ابنه مصطفى ليبيت عند جدته خوفا على يوسف من الحسد .. ولكن فاطيما اوقفته وقالت

: هذا اختيارى وتوقف عن الكلام فى السحر والحسد هذا لايليق بالرجال

....

كان الاهتمام بـ يوسف مضاعفا من جهة نجيب .. فالطفل كان شديد الجمال وورث وجه امره تقريبا بخلاف جميع اشقائه اختلفت ملامحهم بين الاب والام والجدة والاعمام ، وكان يبدو عليه امارات الذكاء والنبوغ بدليل نتائجه الدراسية التى لم تخيب أو تنزل يوما ، وهذا ما جعل نجيب يهتم به حتى اكثر من باقى اولاده ، وحذرته نوران اكثر من مرة حتى لا يغار الاولاد .. ولكنه اصر ان الولد فيه شىء غريب ويجب الاعتناء به أكثر من اللازم .. فاطيما ايضا لاحظت ان يوسف يمتلك مواهب كثيرة وفراسة مدهشة برغم سنه الصغيرة الا انه يستطيع التميز بين الصالح والطالح من نزليتها وجيرانها حتى دون ان تخبره .. وكان يهتم بنظافته بشكل ملفت على هذا السن الذى يحب الاطفال اللهول ولا يهتمون بالباقى .. واشارت لنجيب يوما ان الولد مختلف ويجب ان يحتك بالاولاد فى سنه ، وينزل الشارع ليلعب أويتغير لونه .. فـ البقاء فى المنزل لفترة طويلة ليس من صالح الاولاد ، وايدها نجيب فى هذا برغم حذره وخوفه على يوسف .. الا ان غريزته وثقته فى فراسة فاطيما وبعد نظرها جعله يوافق على الفور

.....

لكن نوران رفضت الفكرة ، ورفضت احتكاك اولادها باولاد الشوارع واكدت له ان سبب رئيسى من اسباب فشل ابناء صديق فى دراستهم هو تركهم ولفترات طويلة فى الشارع ، واحتكاكهم باطفال سيئين .. ثم عادت واقترحت ان يسجل لـ مصطفى ويوسف فى احد النوادى الاجتماعية مثل ابناء عزيز .. ليتعاملوا مع ابناء الناس المحترمين ويكتسبوا علاقات جديدة ونظيفة بعيدا عن الشارع وقذارته ، لكن نجيب رفض واكد ان هذه النوادى للنساء والفتايات فقط ، وان جلساتها مثل صالونات النميمة .. وقد تؤثر على سلوك ابنائه وتصنع حواجز بينهم وبين الاخرين

....

: تكره ان ترى ابنائك محترمين

: اكره ان اراهم مبتعدين عن الناس .. ربما يصيبهم الكبر ، وربما بـ ابتعادهم تلين قوتهم او يضعفوا .. الاحتكاك بالاخرين يصنع الخبرة والقوة ايضا

: وفى النادى سيحتكون مع اخرين ولكن اكثرنظافة من اولاد الشارع

: وربما يصبحوا اكثر نعومة مثل الفتايات ويخيب رجائى فيهم

واستمر النقاش هكذا لفترة حتى وافق اخيرا نجيب على انتسابهم لاحد النوادى ، ولكنه اصر ان يكون انتساب رياضى لا اجتماعى وان يمارس اولاده رياضات عنيفة تجعلهم اقوياء

...

اقترب يوسف اكثر من عبد الرحمن بن عمه عزيز ، وكان كثير الذهاب لزيارته والاقتراب منه ، وكانت كريمان تحبه اكثر من باقى ابناء صديق ونجيب وصفية ربما لملامحه الجميلة وربما لـ ادبه فى الحوار وتهذيبه الشديد .. واكثر من مرة طالبت كريمان من نوران ببقائه او مبيته مع عبد الرحمن المنطوى دائما بين شقيقاته ، ولكن نجيب كان يرفض بحجة ان عبد الرحمن ولد ضعيف واقرب الى البنات بسلوكه ورقته .. حتى انه رفض علاقة ابنه به وحثه على الاقتراب بـ يحيى ابن عمه صديق ومصادقته ، ولكن هذه المصادقة اتت بمشكلة جديدة

...

كان يحيى نموذج متطور من العينة العنترية ومختلف عن الجميع فى كل شىء ، حتى مختلف عن اخاه الاكبر حكيم
كان عنيفا ويحب العنف حتى مع البنات .. ويتعمد ايذاء اى فتاة ترفضه او ترفض تحرشاته .. وزادت مشاكسته اكثر من اللازم لولا ان صديق كان مراقبا هذه المرة .. واوقف ابنه قبل أن يتجه الى طريق لا يحمد عقباه .. ولكن يحيى كان اذكى من ابوه ومن حكيم هذه المرة .. كان يدعى البراءة امام الجميع ويظهر على حقيقته فى الخارج .. وبدأ التدخين فى سن مبكر ، وكذلك حمل السلاح فكانت المطواة لا تفارق يده .. ويوما ما تشاجر مع احدهم فـ اخرج المطواة وجرح خصمه فى وجه كاد ان يذهب الاحداث بسببها .. لولا تدخل ناصر وحكيم وتكفل حكيم بالعلاج الشامل ودفع تعويض مناسب لاهل المصاب .. اما مواقفه التى جعلت الناس تتذكر عمه نجيب فكانت فى دفاعه عن اخوه حسام رغم ان حسام الاكبر اثناء تحرش بعض الصبية بحسام ومحاولة ضربه لولا ظهور يحيى ومطواته التى اخافت الجميع ..

....

اقترب يوسف من ابناء عمه صديق بعكس مصطفى الذى وجد نفسه مع ابناء عمته صفية .. كان يوسف معجب بحكيم وناصر أكثر من الباقيين ، وهوى غية الحمام التى كان ناصر يقضى فيها معظم وقته ، ويستمع الى اغانى حسام واشعاره الجميلة .. اما حكيم فقد بهره بجدعنته وكرمه الذى يذكره بوالده دائما ، ونفر من يحيى رغم انه اخوه فى الرضاعة ، وتحدث الى والده مرة ان يحيى لا يصلح ان يكون صديقه ولا حتى ابن عمه ويومها صفعه والده ونهره على تكبره وغروره ، وقال

: يحيى ابن عمك واخوك ولد جدع وجرىء وقوى

: انا اقوى منه واذكى منه هو غبى جدا بالمرة ولا يفهم شىء .. حتى فى مشاجراته شديد الغباء ويعتمد على الصوت فقط

: لا نتكلم عن المشاجرات نتكلم عن القرابة .. هو ابن عمك ولا يليق ان تتكبر عليه هل تفهم

....

ولاحظ يحيى ان يوسف يحاول تجنبه أو يتحاشى الحديث معه قدر الامكان ويتقرب اكثر من اخواته الكبار .. فضحك منه وقال يوما

: حسام اكبر منى بخمس سنوات وانا ادفع عنه دائما ، وحكيم لن يلتفت لولد صغير مثلك ، وناصر فى كوكب تانى لماذا تبتعد عنى .. هل تخاف ؟

: انا لا اخاف منك ولكن انت لا تعجبنى ، واسلوبك لا يعجبنى ، وكلامك لا يعجبنى

: انا ابن عمك وتكلمنى بعجرفة وتعالى .. لو صدر هذا الكلام من اى شخص كنت طحنته !!!، ولكن انا اعرف انك بنوته وتربية انجليز .. هل تعلم ان امك من اصل انجليزى هههههه

ونشبت مشاجرة لم تدم طويلاً

.....


كانت ضحكات حكيم الساخرة هى اكثر ما اثار امه فريدة فـ اخذت فى سبه ولعنه وهو لا يتوقف ، وحتى كلمات ناصر المندهشة كانت تثير غضبها كيف لـ اليوسف البرىء النظيف ان يتغلب على يحيى ؟ وفى ثوانى ويفقده وعيه بضربتين فقط .. ورغم ان يوسف هو من حمل يحيى الى امه الا انها قابلته بجفاء وطردته ، لولا تدخل حكيم
الذى عاتبها على افعالها

: الاود مع بعض وتشاجروا اين عقلك يا امى ، ولو كان يحيى هو الفائز ماذا سيكون شعورك .. تطردى الولد بدل ما تصلحيهم على بعض

: اخرس انت .. اصبحت مثلك عمك فى كل شىء .. حتى انك تقلده فى سخريته .. بدل ما تضربه لضربه أخوك

: هو ايضا اخى وابن عمى يكفى توبيخه ولكنه لا يطرد من بيت عمه تعالى يا يوسف معى

ودخلا المحل واخذ يطيب خاطره وطلب منه الا يخبر نجيب بما فعلته فريدة .. واخذ يمدح قوته وصلابته التى تخفيها وسامته الشديدة

: هذا الشبل من ذاك الاسد .. عمى نجيب كان يقدر ان يضرب خمسة رجال وحده ولا احد يتجرا ان يتحداه .. ولكن لم يكن ابدا ليبدأ بالشجار .. انت تشبه ولكن بشكل اخر

: انا العب ملاكمة فى النادى

: ملاكمة !!! اه المشاجرات تطورت صحيح .. كل شى تطور القوة لم تعد كل شىء .. قلى صحيح لك صديقات بنات

: كثير

: فقط صداقة او صداقة واشياء اخرى

: احيانا صداقة ، واحيانا صداقة واشياء اخرى ولكن لا احب الكلام فى هذا الموضوع .. حتى ابى لا يعرف

فضحك مثل عمه بشده وكرر جملة سمعها من قبل

: نحن عائلة الخيول .. ابناء حلال بجد وبدون شك ابناء حلال مصفيين ، حتى ولو تغيرت طرقنا .. شالله يا شوكت انت ونجيب .. احفادكم واولادكم كلهم عناتره ، فلو مات عنتر فكلنا عنتر

واخذ يضحك وهو ينصحه كما نصحه نجيب من قبل

.....

الرجل الحصان

الفصل الرابع : الأب



: اذن كان هناك أكثر من عنتر داخل عائلتكم ؟ كنت اظن هذه الظاهرة محصورة على مجموعة محدودة

: كادت ان تنتشر ولكن وجدت من يوقفها لفترة .. وان كانت ليست بـ الطويلة

: ومن اوقفها

؟؟؟؟؟؟؟؟؟

.......



لم تكن العائلة متدينة . او تأخذ طابع دينى مميز او ملفت .. ربما كانت فاطيما وصديق فقط من يواظبون على الفروض والعبادات ، وانضمت لهم نوران فيما بعد وفاة شقيقتها .. أما عزيز وعائلته فـ كانوا ابعد ما يكونوا عن التدين .. ونجيب برغم كرمه وصدقاته لم يراه أحد يصلى الا ايام الجمع وشهر رمضان فقط .. الشكل الدينى الذى ظهر فجأة واخذ ينتشر تدريجيا كان فى عائلة صفية بعد خروج حمدى من السجن ، ومع الوقت تحول اليه ابنائه وظهرت اللحية والجلباب ، وحتى صفية ارتدت الخمار الطويل وواظبت على الدروس فى الجامع ..
ومع اقتراب مصطفى من عمته صفية وابنائها .. بدأت بعض التغيرات

...

رغم ان مصطفى كان الوحيد فى البداية المرحب به فى كل بيوت العائلة والمدلل من الجميع لانه بكرى نجيب .. وخاصةان نوران تأخرت كثيرا فى ولادته .. الا انه اخذ فى الابتعاد مرة تلو الاخرى عن باقى العائلة واصبح مقتصراً فقط على جدته فاطيما وعمته صفية ... كرهت نوران فى البداية هذه القرابة والالتصاق بـ صفية، ولكن اوامر نجيب كانت قاطعة : الاولاد لا دخل لهم بمشاكل الكبار

أخذ مصطفى الكثير من طباع امه نوران وجدته فاطيما فى اداب الحوار والتهذيب الشديد وان افتقد الى جمال امه وحمل وجه ابيه وشكله الخارجى دون قوته ، وغلبه طابع الخجل أكثر من مرة حتى ان ابوه كان دائما يقول : لا رجاء فيه ليخلفنى او يكون سند فى الكبر

وانقطع نهائيا عن بيت عمه صديق حتى اثناء الجيرة .. ربما لكراهيته الشديدة لحسام ابنه عمه التى كانت تحبه نوران بشكل مضاعف وتهتم به اكثر منه او هكذا كان يشعر .. وكذلك بيت عمه عزيز الذى كان مرحب به فى البداية لولا انه قال رأيه مرة فى عفوية الاطفال فى ملابس بنات عمه ومكياجهم الصارخ .. وقوبل رأيه بسخرية شديدة جعلته يقسم الا يعتبه ثانية ..

وازداد تقرب مصطفى من زوج عمته حمدى وكان معجب وبشدة بثقافته الدينية ، والتزامه الشديد حتى ان حمدى خصه بحضور دروس خاصة لاحد الشيوخ فى منزله بدل من دروس الزاوية ، ثم اخذ فى الابتعاد عن النادى واصبح ينتقد حياة ابوه السابقة ، وكذلك امه التى لا ترتدى حجاب ولاتزال تضع الزينة ، ولفتت لحيته النامية نظر نجيب يوما فـ ساله يوما فى سخرية

: هل بدأ موسم الامتحانات

:اى امتحانات

: امتحانات اخر العام

: لا طبعا بعد اربع شهور

: وذقنك الـ ليفه هذه ما فائدتها ؟ مادام موسم التقرب من الله لم يبدأ

: ترك اللحية سنة مؤكدة

: سنة ؟! شالله يا سنى .. بدات اخاف قربك من حمدى زوج عمتك ، والحكومة تقبض على الملتحين هذه الايام

: هى حكومة كافرة

: ماشاء الله .. انت وصلت لمرحلة التكفير !! هذا جديد ، انت بتخرج مع من هذه الايام يا مصطفى ، وتتكلم مع من ؟

: مع عم حمدى زوج عمتى


: عمك حمدى مدمن المخدرات والمسجون المرتشى السايق عمل شيخ ، وانت تكفر الناس ؟

: انا اكفر الحكومة فقط

: هى حكومة واطية صحيح ، ولكن ليست كافرة .. هناك فارق بين الواطى والكافر .. من الان اقطع علاقتك بحمدى وبيت عمتك كله .. واحلق ذقنك ، وابتعد عن هذا الكلام ، تريد تصلى وتتدين ليكن لنفسك ، لا اريد ان اراك فى السجن ، وهذا امر .... مفهوم


.....

لكن الذى حدث ان مصطفى لم يفهم شىء واستمر فى علاقته بـ حمدى ، وجائت ضيفة على البيت وهى فاتن ابنة خالته والتى طلبت نوران من نجيب ان يتكفل بها بعد وفاة والديها فى حادث اليم ، وتبقى معهم فى الفيلا حتى تنهى دراستها وياتى عدلها ، ووافق نجيب على الفور .. وجمع ابنائه وحدثهم فى الامر وان فاتن ستصبح اختهم ولا يريد لها معاملة تختلف عن معاملة شقيقتهم جيهان ووافق يوسف وجيهان وتوفيق وشريف على الفور ، ولكن مصطفى اعترض بحجة انه ويوسف اصبحوا رجال الان وتوفيق وشريف فى طور المراهقة ، ووجود فتاة بينهم فى هذه المرحلة هى الفتنة ، ولكن نجيب اوقفه قائلا : هى أختكم من الان ... مفهوم

....

ولكن توقعات مصطفى كانت فى محلها ، فقد وقعت فاتن فى هوى يوسف من اللحظة الاولى ، وطاردته بنظراها وتلميحاتها طوال الوقت مما لفت نظر الجميع ، وحذره نجيب ان يكون اكثر احتشاما والتزاما مع ابنة خالته، ولكن يوسف قال فى جراءة

: اطمئن يا ابى . هى ليست من الطراز الذى افضله .. انا أحب الصيد الصعب ولا اهتم بـ البنات التافهات

: تافهات ؟ صيد ؟!! ماذا يدور من ورائى ؟ مغامرات عاطفية هاا ؟ أحب أن اسمعك

: لا شىء يا ابى مجرد صداقات

: اى نوع من الصداقات ؟ الاحظ تغير فى لونك ... انت لك عشيقة هاا ؟ اراهن انك تمارس الجنس ... جاوبنى ولا تخجل اعتبرنى صديقك و قل الصراحة

: انت كنت تفعلها فى شبابك ، وكذلك حكيم وانت شجعته ... كلنا لـ عنتر . هذا كلامك

: ملعون عنتر وصفات عنتر وموروث عنتر ... انت ابنى انا هل تفهم ولست ابن عنتر .. حكيم ابوه تركه يسقط فى الرزيلة ، وما فعلت انا كان خطأ لا اريدك تقع فيه ..الزمن تغير وانا تغيرت منذ زواجى لم العب او اعرف امراة الا امك .. انسى مغامرات الماضى ولا تعود لها مرة ثانية

: كانت مجرد علاقة

: وانتهت الان . هذا امر ، لن اقولها مرة ثانية العلاقة انتهت هاا .. تريد ان تتزوج ليكن والان

: بعد الجامعة اتزوج

: وحتى تنتهى الجامعة وتتزوج ممنوع العلاقات والمغامرات الجنسية هذا امر مفهوم ... تذكر ان لك اخت ، وانا سـ اعتمد على وعدك وكلمة شرف منك

: تحت امرك يا ابى

: اريد وعد وكلمة شرف من رجل

: وعد يا ابى

.....


وهكذا توقفت مسيرة أحد العناترة ( مؤقتاً ) ولكن الوضع كان مختلف مع مصطفى الذى كان معجب بـ فاتن من البداية ولكنه اخفى اعجابه خلف اللحية والتدين ولاحظت نوران هذا و سألته : لو تريد ان تخطبها اكلمها

ورد فى غلظة : لن اتزوج من بنت متبرجة مثلها

ولكنه ابدى غيرته من حديثها المستمر مع يوسف وحتى توفيق وشريف الصغار ، ثم جاء اليوم الذى حضر فيه حسام لزيارة نوران يبشرها بتخرجه

....

كان حسام هو الوحيد الذى اكمل تعليمه من ابناء صديق برغم مرضه وضعفه الواضح ، وتخرج من كلية الفنون الجميلة ، وكانت نوران تشجعه دائما بكل ما يحتاج حتى انها سجلت له فى النادى معهم ليكون معها اطول وقت وسمح له نجيب ان يتواجد فى البيت وحتى المبيت متى يشاء سواء كان هناك رجل او لا ويثق فيه ثقة غير طبيعية .. واخيرا تخرج حسام وجاء الى امه نوران يبشرها بنجاحه ويهديها مشروع تخرجه ، وكانت لوحة زيتية لها فى شبابها وجمالها الاول ، وفرحت بها نوران وبنجاحه وارتفعت زغاريدها ترن الفيلا حتى ظهرت فاتن ، وعرفته عليها ولاحظت انبهاره الشديد بـ فاتن الجميلة التى تشبه نوران كثيرا .. وسالها لو توافق ان يرسمها فردت بتلميح انثوى خبيث : لو وافق يوسف

ورد يوسف فى خبث مماثل : والله انا موافق ترسمها وفى بطء الحلاقين وتستمر فى الرسم عشر سنوات كاملة

وجاء نجيب ومصطفى فى نفس الوقت ، واصر نجيب على الاحتفال بنجاح حسام فى الفيلا واظهر اعجابه الشديد باللوحة ، ولكن مصطفى الذى افقدته الغيرة صوابه قاطع والده فى غضب

: وتسمح لواحد اجنبى ان يرسم امى

وسكت الجميع فجاة الا ان نجيب رد فى تساؤل ساخر موجه كلامه لـ حسام

: اجنبى .. انت حصلت على جنسية ثانية يا حسام ... الف مبرك يا حبيبى كنت فرح عمك وما الجنسبة الجديدة امريكى ولا فرنسى هاا ؟ ههههههههه

ولكن مصطفى رد فى غضب اشد

: لا تسخر من كلامى يا ابى .. مصطفى اجنبى على امى حتى ولو كان ابن اخوك وهى ربيته ،ولكن لا يصح ان يزورها كل وقت ، وهو لا ياتى الا لزيارتها فقط .. هذا حرام شرعا

: انا اعرف الحلال من الحرام يا شيخ مصطفى ... وعندما تكون رجل وتعتمد على نفسك يمكن وقتها فقط ان تقول حلال وحرام ، ولن اسمح لاى مخلوق يقول هذا ياتى وهذا لاياتى بيتى .. أنا رجل البيت

: كلامك يعنى انك لا تفهم شىء فى الدين يا ابى .. انت هكذا تكون ديوث

وهنا هجم عليه يوسف فى غضب وهو يصرخ : يا حقير

لولا ان صده نجيب بقوة وعنف ويقول : لا تظهر قوتك على اخوك الكبير وانا حى .. مفهوم .. ثم ما يعنى ديوث .. ما معناها

: ديوث يعنى رجل لا يغار او قواد مثلاً

وهنا ظهر نجيب شديد الهدوء بعد هذا التفسير وكان شىء لم يقال .. ثم عاد يقول فى هدوء آمر

: يوسف خذ ابن عمك لجدتك فاطيما هانم وانتظرونى هناك ولا تفتحوا هذا الموضوع معها .. وانت يا نوران خذى الصغار والبنات الى الدور الثانى ولا تخرجى منه والافضل تغلقى الباب بالمفتاح عليكم .. اما انت يا شيخ مصطفى فتعال نتكلم كلام الرجال والكبار


......

كان صديق شديد القسوة والعنف فى تأديبه لولده حكيم كما وصفه نجيب دائماً .. ولكن هذه القسوة لم تكن لتغير من حكيم شىء بل زادت من الطين بله وانفلت عيار حكيم اكثر واكثر .. ولكن عندما قرر نجيب تأديب مصطفى اختار سياسة جديدة لم تعرفها العائلة من قبل .. وان كانت شديدة القسوة ايضا

.....

انفرد نجيب بـ مصطفى فى غرفة الغسيل كان مصطفى ينتفض من الخوف خاصة وان نجيب كان ينظر اليه فى هدوء شديد وهو يتخفف من قميصه ويخلع ساعة يده ويحضر كرسى ليجلس عليه مصطفى بعدها اغلق باب الغرفة بالمفتاح ثم بدأ يتكلم دون ان ينظر اليه

: هل تعلم يا شيخ مصطفى ما هى نقطة ضعفى الوحيدة .. نقطة ضعفى هى امك نوران انا احبها بجنون ، احبها حتى اكثر منكم وانتم ابنائى ، لااقدر ان ارفض لها اى حلم او امنية لا مجرد طلب .. الجميع يعرفون هذا رغم انهم لا يتكلمون فيه .. ومن يحب امراة مثل نوران لابد ان يشعر بالغيرة الشديدة ، وتأتى أنت ياشيخ مصطفى و....

قاطعه مصطفى فى خوف : انا اسف يا ابى لم اقصد اى شىء كانت زلة لسان .. ارجو سامحنى

لكن نجيب تجاهلة واكمل فى هدوء : وهل تعلم ان يوسف اخوك اقوى منى الان .. انا اختبرته اكثر من مرة ورغم ان يترك نفسه لى اهزمه الا انى اعرفه انه اصبح قوى وقوى جدا بالنسبة لسنه ورغم هذا لم يرفض لى امر او يرفع صوته في ، والان انت يا شيخ مصطفى جاء دورك لـ اختبرك واختبر قوتك .. انت الان رجل وشيخ وتعرف فى الحلال والحرام وترى ابوك قواد .. عليك ان تهزم القواد لتخرج من هنا يا شيخ

كان مصطفى قد انهار تماما واخذ فى البكاء وهو يقول : انا اعتذر يا والدى . لم اقصد ولكن انا اكره حسام ، واكره حبى امى له اكثر منى

: تكره او تحبه لا يهم .. المهم انى قواد فى نظرك ..

: ارحمنى يا ابى

: ارحمك هاا .. ربما فى وقت اخر ، ولن تخرج من هنا الا برغبة القواد يا شيخ مصطفى


.....

استمر نجيب على هذا الوضع ونفس الحوار يوميا لمدة ثلاث اسابيع ظل مصطفى حبيس الغرفة طوال هذا الوقت حتى انهار تماما ..منع عنه اخواته وامه وقال لنواران : ضعى حجر على قلبك وابتعدى عنه .. انا اؤدبه لو تركته لن يتربى وسـ ياتى يوم يضربنا فيه . ابنك لم يجرب السجن ، وطوال عمره مرفه دعيه يجرب السجن والتعذيب النفسى

وبالفعل كانت النتائج مبهرة هذه المرة.. فـ بمجرد خروج مصطفى قبل الارض بين قدمى نجيب ونوران ، ولكن نجيب امره بـ التماسك وعدم البكاء امام امه واخواته الصغار ، وهدده بالسجن مرة اخرى لو عاد الى ما سبق .. طالبه ان يبقى على تدينه، ولكن لا يتدخل فى ادارة البيت ولا يسمح لـ احد ان يسجنه او يعذبه مرة اخرى حتى الحكومة .. وفهم مصطفى هذه المرة كلام نجيب

وانتهت مسيرة اخرى


.....
: وتوقفت علاقتك العنترية ، وابتعد مصطفى عن هذا الطريق

: نعم ابتعد مصطفى عن هذا الطريق تدريجيا خاصة بعد تخرجه وزواجه ، اما انا فتوقفت لفترة وعدت بعد وفاتها لـ اكون كما تسمينى الرجل الحصان

: وفاة من ؟

: مريـم


.......


حاول مصطفى التقرب مرة اخرى من فاتن بعد ان فقدت الامل فى يوسف .. ولكنها كانت تتجنبه وتخافه بشدة .. ولاحظ نجيب هذه المضايقات ووخبه وهدده بالطرد لو عاد الى هذا .. واخيراً ابتعد عنها مع الوقت بعد تعرفه على زميلته ليلى والتى خطبها بعد التخرج مباشرة واصبحت زوجته فيما بعد .. وحث نجيب نوران الحامل وقتها فى البحث عن عريس مناسب للبنت مادام يوسف لا يريدها وهى ترفض مصطفى ، لان وجودها اصبح خطر ، وجاء رد نوران المندهش

: وتريدنى ادلل على البنت على اخر الزمن .. اتركها فى حالها عينى لا تغفل عنها ، واولادك محترمين

ورد نجيب بسخريته المعتادة : نعم اولادك محترمين ومحترفين ايضا وخاصة المحروس يوسف ابو الادب

ولكن جاء ميعاد ولادة ملك لينسيه هذا الموضوع وتصغر نوران عشرين سنة دفعة واحدة وتجعل نجيب يفتل شاربه فى فخر .. فوجىء الجميع يوم الولادة بـ حسام الاكثر نشاطا ومساعدة للجميع .. وعند الولادة قال له نجيب : سمى انت المولودة يا حسام . نوران ستفرح لهذا
وسماها حسام ( ملك ) على اسم لوحة فاتن التى فازت فى معرضه الاول .. وفرحت نوران بالفعل لهذه التسمية كما فرحت فاتن التى استغربت بشدة تنازل عمها نجيب كثيرا وعدم تحفظه مع حسام برغم من صرامته وسخريته من الجميع حتى انه سمح له ان يكون اول من يحمل ملك الصغيرة ، وحسام يبكى من لفتة نجيب الجميلة وثقته فيه

...
ولاحظت نوران نظرات فاتن الجديدة لـ حسام وقررت ان تقربهم من بعض ، وفاتحتها فى الموضوع مباشرة

: ما رأيك فى حسام يا فاتن

: شاب طيب ، ومحترم يا خالتى ، ويحبك جدا يمكن اكثر من امه

: هو ابنى . انا من ربيته ومعزته من معزة اولادى وأكثر

: لاحظت فعلا انك مهتمة به ، وعمى يثق فيه كثيرا

: وما رأيك فيه كـ رجل .. هو شاب فنان وحساس وميسور الحال الان ، وان شاء الله يكون فنان مشهور فى المستقبل

: افهم يا خالتى تلميحاتك ولكن هل طلبنى حسام منك او من عمى نجيب

: لا . هو خجول جدا ، ولايتكلم ولكنى افهمه واعرفه من نظراته

: ولكن وجهه ، وهذا المرض

: كان جميل جدا فى طفولته .. منها لله فريدة اهملت علاجه ، ولكن حتى المرض لا يقلل من وسامته .. ما رأيك

: افـكر

.....

ونجحت محاولات نوران فى تقريب حسام وفاتن استعانت بحماتها العجوز ليتقابلا فى بنسيونها تحت رقابتها وبعيدا عن عين مصطفى ليتعارفا اكثر ، واخيرا تقدم حسام لـ فاتن رسمياً .. فى نفس الوقت الذى تقدم اخوه حكيم لـ جيهان ، وجاء صديق وفريدة للزيارة لاول مرة بعد خروج نجيب من العمارة .. وقبل نجيب حسام على الفور ، ولكنه طلب الانفراد بـ حكيم قبل أن يقول كلمته بـ شأن جيهان

...

: خير يا عمى

: انت تعلم انى احبك ، ولن أجد عريس لبنتى اجدع منك

: الله يبارك فيك يا عمى ولكنك لا توافق صح

: اسمعنى يا حكيم .. انا لم أحصل على الابتدائية وكانت زوجتى نوران معها اعدادية.. وكنت اضايق من رؤيتها تقرا الكتب والجرائد وانا اكتفى بمشاهدة الصور فقط .. هل تفهمنى .. جيهان فى كلية الطب وانت معك اعدادية اعرف انك تاجر وكسيب ،والمال يغلب الشهادات هذه الايام .. ولكن تخيل لو جاء يوم وعايرتك بشهادتها وانت بدون مؤهل ... ما رد فعلك يومها ؟ لا احب ان ارى بنتى ترجع لى يوم مضروبة او مطرودة .. فهمتنى


: فهمتك ، وفاهمك والله من الاول يا عمى .. ولم تكن فكرتى هى فكرة امى وأنا كنت انوى لو انك وافقت احاول فسخ الخطوبة لـ اى سبب او حجة

: عين العقل يا حكيم ، وعروستك عندى هى صحيح اكبر منك بخمس سنوات ولكنها جميلة جدا وشديدة الجمال .. أجمل حتى من زوجة عمك فى شبابها ، وفوق كل هذا تملك عشر محلات ومصنع ملابس وعمارات ، ، ، الخ

: وانا لها يا عمى .. ابوس ايديك دلنى عليها ، واتزوجها الان



........


كانت ليلة من الف ليلة وليلة ... اجتمع الجميع فى هذا الحفل كما لم يجتمعوا من قبل .. حتى فى افراح بنات عزيز وزواج ناصر ابن صديق لم يجتمع الجميع كما اجتمعوا فى ليلة حسام وفاتن ، وحكيم وعروسه الجميلة الثرية صباح .. وتغير وجه صديق الصامت لتعلوه ابتسامة سعادة لهذا العرس الرائع والذى تكفل به بالكامل نجيب كـ اهداء منه لـ فاتن ، وحسام وشريكته صباح وحكيم ابن اخوه .. وجاء شوكت وابنائه من زوجاته الاخريات ، وجلس بجوار فاطيما التى رحبت به وبـ ابنائه وبناته ، وجاء عزيز وكريمان التى انبهرت بـ هذا الحفل الرهيب الذى اقامه نجيب لابناء اخيه .. اما فريدة فـــ كادت تطير من الفرح وتجرى لتقبل ابنائها وتحتضن نوران كل لحظة .. وابتسمت فاطيما وهى تجذب فريدة اليها وتهمس لها
: كنت انتظر هذا اليوم وهذه اللحظة واكلمك عن احداث قديمة .. تخيلى لو طلق نجيب نوران ليلتها .. كنت سترى حسام مع هذه الجميلة او حكيم تاجر ومتزوج من عروسه التى تشبه القمر .. استغفرى الله يا فريدة استغفرى الله واطلبى من نوران ان تسامحك .. رغم انى اعرف انها طيبة ولا تحمل حقد لك ولا لـ صفية
وسكتت فاطيما وعادت تنظر الى نوران هانم الوقور .. التى تراها ولاول مرة ترقص فى فرح وتجذب حسام كل دقيقة ليرقص معها .. ونجيب يطلق اعيرة نارية وينقط الاعراس بمئات الجنيهات ، وظهر مصطفى لاول مرة بدون لحية ومعه خطيبته الجميلة ليلى وكان سعيد وهو يسلم على حسام وعروسه وكأن شىء لم يكن فى الماضى .. ومضى الحفل على هذا الحال حتى توقف كل شىء مع مجىء هذه الحورية التى خطفت الاضواء عن جميلات الحفل بما فيهم العرايس .. حتى ان حكيم نسى عروسه وصرخ من الدهشة والانبهار

: يا الطاف الله الملائكة تمشى على الارض

وتوقف نجيب الكهل عن اطلاق الاعيرة وهو ينظر منبهر بهذه الفاتنة ثم الى رفيقها الوسيم ، ومسك الميكروفون وهو يقول فى مرح وفخر ضاحك : صلوا على النبى .. هذا الشبل من ذاك الاسد .. يوسف ابنى خطف حورية من السما ودعاها للفرح

وقدمها يوسف لوالده وامه وجدته فاطيما التى تذكرت شىء من ملامحها وسألتها عن عائلتها وامها .. لـ تكتشف انها ابنة جارتها القديمة سوسيلا او عائشة الفتاة الارمنية التى رفضت ابنها نجيب يوما لسوء سلوكه ، وجائت ابنتها الفاتنة مع حفيدها يوسف .. وتقدم منها نجيب يقبل اصابعها فى اتيكت قديم ادهش نوران نفسها ، وهو يقول ليوسف فى مرح : لولا انك ابنى كنت قتلتك لاجل ما اخطف منك هذه الحورية . ممكن نتشرف بـ اسم ملكة جمال الجميلات ؟
وضحك يوسف والفاتنة ترد فى خجل شديد : مريم يا عمى .. اسمى مريم


.......
: كانت الحب الحقيقى فى حياتك .. هذا واضح جدا من كلامك

: كلمة حب ربما لاتكفى لوصف مشاعرى لـ مريم

: تتكلم عنها وكأنها حية ، او ربما هى الذكرى

: الذكرى لا تموت ابدا الا اذا حل محلها شىء اخر ، وانا لم احب فى حياتى الا مريم .. انا احبها حتى ولو كانت ميتة .. ربما لان روحها لاتزال بداخلى ، وانا أحب روحها

: كلام عجيب .. خاصة من مدمن للنساء مثلك

: وهل تصدقنى لو قلت لك انى ارى كل النساء مريم .


.....


جميلة بالفعل : هذا اقل ما كانت توصف به ... كان اللقاء الاول عادى جدا بالنسبة ليوسف .. بل واقل من العادى فلم تلفت انتابه وهو دون جوان الجامعة وعنترها .. كان الحفل الختامى لنهاية العام الجامعى ، وقدمت فرقة الجامعة المسرحية مسرحية سندريلا .. وكان على يوسف ان يحضر المسرحية بالكامل لانه سـ ينال تكريم بعد انتهائها بصفته بطل الجامعة فى الملاكمة والمرشح بـ اسمها فى بطولة الجامعات .. يوم رؤيتها على المسرح قال لجاره فى سخرية ورثها عن نجيب

: تصدق الان فقط عرفت سبب انبهار والدى بالسيقان والاحذية النسائية ..

: وما السبب

: اعتقد انها عقدة سندريلا

: وما رايك فى سندريلا الجامعة

: لا اراها سندريلا بـ المرة . فهى تصلح لدور سنوايت اكثر مع هذا الكم من الاقزام المنبهرين بجمالها

: بالتاكيد انت اعمى يا يوسف .. هى جميلة جدا واكثر من جميلة وانت تسخر منها

: الجمال يورث الغباء لـ صاحبته .. اتحدى ان تكون سندريلا الجامعة هذه ذكية او على شىء من الذكاء


......

وانتهى حفل الجامعة ، ولكنها اوقفته فى الخارج وسالته عن نظراته الساخرة لها اثناء العرض .. فضحك منها ولم يرد ، وربما نسيها لفترة حتى كان نهائى بطولة الجامعات فى الملاكمة .. كان خصمه فى هذه المبارة حسين بطل جامعة عين شمس .. والذى هزمه يوسف فى نفس العام فى بطولة المحافظة .. وكان حسين ينتظر الثأر هذه المرة .. راها بين جماهير حسين وتشجعه بقوة فضحك وهو يقول لمساعده

: سندريلا انضمت لمعسكر الاعداء وتشجع بطل جامعة عين شمس

وكانت المبارة شبه محسومة ليوسف منذ البداية .. وكان لسقوط حسين أكثر من مرة ما جعل يوسف يلتفت مرة ليرى السندريلا تبكى بحرارة لسقوطة .. ثم كانت ضربة قوية من يوسف اصابت حسين بشدة كاد الحكم على اثرها ان يلغى المبارة لولا أن اصر حسين على التكملة ، ومرة اخرى هجم يوسف وهو يستعد للقاضية ، ولكن فى التفاتة ثانية وجدها تنظر اليه مباشرة ، ونفذ لها ما تريد

.....

استغرب الجميع بلا استثناء موقف يوسف الذى توقف ثم قرر الانسحاب ورمى الفوطة مؤكدا انسحابه .. برر البعض هذا الموقف ان ربما يكون شعر ببعض الشفقة على حسين المصاب .. ولكن المقربين من يوسف اكدوا انه لا يعرف شىء اسمه الهزيمة او الانسحاب ولا يهمه حالة خصمه ، ويسعى دائما للفوز حتى ولو قتل خصمه .. وكانت هناك واحدة هى التى تعرف الحقيقة لحظة ان طالبته بالتوقف بدون ان تنطقها ونفذ ماتريد

.....

فؤجىء حسين بيوسف يزوره فى المستشفى حاملا باقة ورد وبدون ابتسامته المستفزة المعتادة ، استغرب لزيارته ودعاه للجلوس وكان هو من يريده اكثر من اى شخص اخر ليساله عن الانسحاب

: حمد لله على السلامة يا حسين ، ومبروك الفوز بـ البطولة

: ممكن اعرف سبب انسحابك يا يوسف ؟

: السبب هو سندريلا

: عفواً

: الجميلة التى كانت تصرخ وانا اضربك بقوة ، هى نفس الفتاة فى مسرحية سندريلا .. لاحظت انك كنت حاضر يومها؟ انت تعرفها ها ا ؟ هى صديقتك صح


: هى اختى يا يوسف نجيب ، أختى مريم .. فهمتنى يا يوسف ، اختى ليست مثل صديقاتك وعشيقاتك

: اختك . اسف .. ولكن الشبه بعيد جدا

: هى اختى من الاب .. امها كانت ممرضة امى وهى من اصل ارمينى ، وأنا احذرك يا يوسف لو ....

قاطعه يوسف وهو يغادر : الف مبروك الفوز مرة ثانية يا حسين .. حاول ان تتدرب بقوة للعام القادم . فـ يوسف لا ينسحب مرتين ، ولا تخاف مادامت اختك لن اضمها للقائمة


.......


عند خروجه قابلها .. حاول أن يتكلم ولكن عجز ربما ولاول مرة فى حياته عن قول كلمة واحدة وحتى هى لاحظت احمرار وجه بشدة فـ ابتسمت وبادلها الابتسام وخرج .. حاول ان يتعامل مع الامر وكأنها فتاة جميلة رأها وانتهت الحكاية ، بل حاول ان يلهى نفسه بالعودة الى مدام نيللى رفيقته السابقة التى امره ابوه بالابتعاد عنها .. ولكنه وجد نفسه لا يعرف اين يتجه .. اخذته قدمه الى بنسيون جدته فاطيما .. جلس معها دون ان يتكلم لفترة .. اعدت له مشروب السحلب الذى يفضله .. حاولت ان تسأله او تفتح معه اى حوار ولكنه ظل شارد لفترة ، واخيراً سألها

: ها تؤمنين بالحب يا جدتى

: الحب؟! انت بتحب يا يوسف

: انا أسألك يا جدتى

: أسأل أبوك .. فهو اكثر واحد كان حبيب ولعيب فى اولادى

: ما رأيك أنت .. هل فعلا يمكن ان يكون حب قبل الزواج

: فاتن كانت تحبك ، والان هى تحب حسام ابن عمك

: انا لا اتكلم عن فاتن ، ولا افكر فيها لحظة

: وانا اكره ان اشعر بالضعف لحظة ، وهو نفس الشعور الذى احسه الان .. لا اقدر ابعد صورة هذه الفتاة عن رأسى ولو دقيقة

: من هى ؟ بنت من

: كل ما اعرفه انها اخت ملاكم كان منافس لى ، وانها نصف مصرية

فضحكت فاطيما واهتز جسدها العجوز لضحكتها وهى تقول : الدم بيحن او التاريخ يعيد نفسه .. امك ايضا نصف مصرية او على الاقل ابوها كذلك

فضحك يوسف لضحكتها واقتبس سخرية والده وهو يقول : نعم الدم بيحن ، كلنا لعنتر وكلنا لنجيب وكلنا لنوران ، ولكنا نحب

.....


لم يكن له ان يحب .. فـ الحب ضف هكذا كان يتصور . ولكن يوسف وجد نفسه اسيرا فى هوى الفتاة .. وهكذا ترك نفسه للتيار اما ان يكمل هذه القصة او تنتهى برفض الفتاة لها .. يوم تقدم لها ليبدا الحوار .. وجد نفسها يتلعثم لاول مرة ، وهاجمته حمرة غريبة عليه لم يكن ليتصور انها ستناله يوما .. ولاحظت مريم تردده فـ بدات بـ الحديث ..

: كنت احب اشكرك على تصرفك يوم المبارة مع حسين


: العفو

: سمعت انك لا تخجل ولا تستحى من اى بنت ولكن الظاهر هو العكس

: انا لا اخجل ولكنك مختلفة

: اشكرك

: ممكن اتعرف عليك اكثر او طلبى مرفوض

: ممكن


......

وتبدل الحال بعد المحادثة الاولى ، ووجد العنتر الصغير نفسه يهوى فى عشق مريم أو سندريلا .. حدثها عن نفسه ، وعن عائلته .. حكى لها عن فاطيما ونوران واخواته وابناء عمومته ونجيب الاب الذى يختلف عن نجيب العنتر الذى كان يسمع عنه قديما ، واقترب أكثر كانت اللغات بينهم تختلف بن تارة واخرة .. آحيانا ينتهى الكلام فتكون لغة الصمت والعيون هى المتحدثة ، وآحيانا لا تسكت الشفاة وتنطلق بكل ما تفيض مشاعرهم من حب ، دعاها لزفاف ابناء عمه وبنت خالته ، وطلبت ان تعرفه على امها اولا ، ويسألها بنفسه .. وبالفعل زار امها التى اعجبت به وبـ لباقته وذوقه قبل وسامته وقوته .. من حديثة تعرفته وعرفت من عائلته ، سالته عن جدته وهل تزال حية ، وعن ابوه وهل تغير وعن علاقته بـ مريم وما يكنه لها ،ومع ثقتها التى تواصلت فيه مع الوقت .. طالبته يوما ان يحضر امه مع للتعارف بغض النظر عن علاقته بـ ابنتها

.....

وجائت نوران بعد الحاح من يوسف استغربته فى البداية حتى انها سالته بدهشة

: ابوك يقول أنك متعدد العلاقات وطالب يوما بـ الاسراع فى اتمام زواج فاتن خوفا منك اكتر من مصطفى ، والذى اراه العكس .. ارى عاشق لا ولد لعيب ومحترف كما يقول ابوك


: يا امى انا احبها .. ليست فتاة للخروج او التسلية .. احبها وانوى اتزوجها بعد التخرج

: ابوك يعرف هذا الموضوع ؟

: لمحت له ووافق ولكن اشترط التخرج اولا وبتفوق ، ولكن امها طلبت رؤيتك

: امها !!! سمعت ان ابوك كان طلب ايديها .. ربما تريد مقارنة .. ليكن


.....

وقابلتها نوران ، كانت عائشة امراة نبيلة قدر ما هى جميلة تبادلوا الحديث بالعربية تارة وبـ الانجليزية تارة اخرى ... سالتها عن يوسف وان كان له طباع نجيب فى شبابه ، وردتها نوران ان نجيب تغير واصبح اب مثالى ، ويوسف ب ـ التاكيد يشبه فى قوته ولكن يختلف عنه فى امور اخرى ، وتكررت الزيارات بين نوران وعائشة ، وكذلك فاطيما التى ما ان راتها عائشة حتى قبلت يديها واخيرا زارها نجيب .. كان قد تغير كثيرا عما عرفته من قبل .. ووضح عليه حبه لزوجته واحترامه الشديد لها ، وطلب نجيب يد مريم ليوسف رسميا على ان يؤجل الزفاف لما بعد التخرج ، ووافقت عائشة

......

كانت السنة النهائية ليوسف ازداد اقترابه بها ونسى كل علاقته السابقة ، تحول الى عاشق حقيقى .. كان يرسل الرسائل المغلفة لخواطره وزهوره ، يغنى يتحدث بشكل رومانسى غير مالوف له .. اصبح تلقائى الفعل معها ، وتغيرت علاقته بـ الجميع حتى يحيى اصبح يتعامل معه بشكل جديد اخوى بلا تحفظ او تعالى ،
واقترب ميعاد النتيجة ، والزفاف

......

: حادث طريق ، وسائق مسطول .. سنة الحياة يا ست عائشة إنا لله وإنا اليه راجعون

: ونعم بالله

: كان حادث اليم واعرف شعورك ، ولكن انت تشاء وانا اشاء والله يفعل ما يشاء

: ونعم بالله ، واين يوسف يا ابو مصطفى لم ياتى العزاء

........

تحول يوسف الى كائن غريب بعد نبا الوفاة .. بدأ وكانه يسمع افكار الاخرين او يشعر بـ انفاسهم وهى تتردد .. لم يبكى دمعة واحدة امام اهله او يبدو عليه اى اثر لحزن او فرح .. فقط الصمت ، ولا شىء الا الصمت .. حتى نجيب نفسه حثه على البكاء ليستريح ، ولكنه نظر اليه نظرة غريبة وتركه وهو مستمر فى صمته .. ظل على حاله اكثر من ثلاثة اشهر لا يفعل شىء الا ان يجوب الشوارع او يتجه الى قبر مريم .. كان يتحدث الى القبر بالساعات ولا يعود الا للنوم .. زارته عائشة اكثر من مرة لتطمئن عليه وتحاول التخفيف عنه .. كان يبكى فقط لرؤياها .. لتختفى دموعه مرة اخرى فى وجود اى من عائلته وانتقلت جدته فاطيما لتبقى بـ جواره بعد تدهور صحته لـ مقاطعته الاكل وحزنه المكبوت .. احضر له نجيب اطباء ليخرجوه عن حالته ولكنه بقى على ماهو فيه حتى سقط فى غيبوبة استمرت اسبوعين كاملين .. ظن الجميع نه نهايته وانه فى طريقه الى مريم

ولكن عاد مرة اخرى

وكانت العودة تعنى ميلاد لـ الحصان


.....
الرجل الحصان

الفصل الخامس : الحصان




: وكان فى ميلاد هذا الحصان تكملة لمسيرة سابقة ؟

: تقريباً كانت تكملة لما توقفت عنه ، ولكنها ايضا كانت بداية لشراهة عجيبة لم تتوقف

: وكيف كانت البداية ؟ اعنى بعد عودتك لوعيك

: مأساوية ... كان موسم الوفيات ، وعام الموت

؟؟؟؟؟؟؟؟؟



........


لم يمض شهر على عودة يوسف لـ وعيه ، وانخراطه فى صداقة عنترية للمتعة والحظ مع يحيى وحكيم ابناء عمه .. حتى صدمت العائلة بخبر وفاة شوكت عنتر العائلة الاول بعد مرض قصير ويقال انه مات حزناً على ابنته الصغيرة نازلى من اخر زوجاته .. ورغم الابتعاد الكلى عن عنتر اللهم فى المناسبات والحفلات .. الا ان حزنا غريبا خيم على الجميع ، وحتى فاطيما هانم بكت عليه بكاء حار اقسم صديق يوما : انه لم يراها تبكى هكذا من قبل ولا حتى فى وفاة ابنها حسام الذى فقدته صغيراً .. وفوجىء الجميع بوصية شوكت التى خص بها نجيب دونا عن الجميع باالميراث بـ اكمله حتى لا يتجزا او يتوزع بشرط ان يوزع ارباحه على الجميع حسب الشرع ، ولكن نجيب رفض هذه الوصية وقرر توزيع التركة حسب الشرع ، وطالبت فاطيما اولادها بالتنازل عن التركة لـ اخوتهم .. فلا أحد منهم يجيد الفلاحة ولا كان بجوار ابيه فى وفاته ، ونفذ الجميع طلب فاطيما بـ استثناء صفية التى احتفظت بحقها بـ الكامل ، ولكن لم يمض شهور اخرى حتى توفى حمدى زوج صفية اثناء عملية جراحية فى المخ ، وبدا هذا العام يتشح بسواد رهيب بدأ بوفاة مريم ثم عنتر وحمدى ، ولكن القدر لم يكن ليتوقف عند هذا وجائت وفاة عزيز المفاجئة بعد ان اصيب بازمة قلبية وهو فى قمة الفرح بميلاد عزيز الصغير حفيده الاول من ابنه عبد الرحمن ، جائت وفاة عزيز لتقصم ظهر الجميع خاصة بعد اصابة فاطيما هانم بـ الشلل بمجرد سماعها خبر بكرها الاول عزيز ، وداهمتها عدة امراض دفعة واحدة

......


اجتمعت العائلة كلها الاباء والابناء والاحفاد وحتى المسافرين منهم عاد حسام وفاتن من ايطاليا حيث عمل حسام ، ومصطفى وليلى من كندا حيث بعثة مصطفى ، التم الجميع مرة اخرى ليكونوا بجوار فاطيما هانم فى ايامها الاخيرة ، واصبحت فيلا نجيب لا تنام ولا تتكلم فى نفس الوقت منذ انتقال والدته اليها وحضور العائلة كلها .. كانت اللغة الوحيدة هى الصمت والصلاة والابتهال من اجل فاطيما .. حتى العانترة توقفوا عن فجورهم وانضموا الى قافلة المبتهلين ... كانت نوران بجوارها طوار الوقت تمرضها وتلبى طلباتها المستمرة منذ مرضها الاخير وانضمت اليها ( بدرية ) الفتاة التى كانت ترعاها فى البنسيون وتديره لـ فاطيما هانم .. حتى جاء اليوم الذى طلبت فيه رؤية ابنائها صفية وصديق ونجيب وكذلك عبد الرحمن ابن عزيز ويوسف ، واوصت بأن توزع كل ممتلكاتها حسب الشرع الاالبنسيون يكون ليوسف و عبد الرحمن ، ومصاغها يقسم بين الصغيرة ملك ، وبدرية

واخيرا رحلت ام العائلة والهانم النبيلة .. بعد كل هذه الحياة ، وكل هذا الحب الذى وهبته للجميع .. لم تكن يوما ام ضعيفة ولا متشددة بل ترهبنت وكافحت من اجل اولادها ، ولم تكن حماة متسلطة قاسية وانما كانت عادلة مع الجميع ... وكما عاشت حياة مكللة بـ الاحترام كانت كذلك وفاتها التى مشى فيها الكبير والصغير فى صمت حزين .. كان البكاء والدعاء فقط للفقيدة فلا صراخ أو لطم او اى من هذه الافعال المعتادة ، وكادت واحدة ان تهتك هذا العزاء الوقور بـ صراخها لولا ان قاطعها يوسف بصفعته وهو يقول فى صرامة وحزن

: لا صراخ ولا عويل على جدتى .. لا صراخ على فاطيما هانم ... مفهوم

وردت الفتاة بدرية فى خوف واعجاب : مفهوم يا سى يوسف


..........


سى يوسف

ما أجملها من كلمة كان يسمعها من بدرية .. كان فى بدرية شىء يذكره دائما بـ مريم .. ربما هى حيويتها وخفتها الظاهرة .. كانت بدرية فتاة قروية هربت من جحيم زوج امها الى القاهرة ، ولجأت الى بنسيون فاطيما للمبيت .. وحين طالبتها ام سعدية مديرة البنسيون وقتها بـ الاجرة عرضت عليها حلقها الذهبى عوضا عن الاجرة .. وراتها فاطيما هانم وقالت

: احتفظى بـ ذهبك يا بنت .. لست فى محل روهونات سـ نعتبرك ضيفة

: الله يسترك يا حاجة

: من انت يا بنت ، ومن اهلك ابوك وامك لـ نتصل بهم

: هربت منهم يا حاجة ، والدى متوفى وهربت من امى وزوجها الحقير

: معك شهادة او صنعة .. اعنى تجيدين الخياطة او التمريض

: لا يا حاجة .. انا جاهلة ، ولا اعرف صنعة غير الطبيخ والتنظيف

: تحبى تشتغلى فى البنسيون .. تساعدى ام سعدية وتنظفى المكان وتجهزى طلبات النزلاء واجتياجاتهم .. هاا موافقة

: موافقة يا ستى

: لا تنادينى بـ ستى .. انا فاطيما هانم او الحاجة فاطيما ، واهم شىء عندى الامانة وحسن السلوك ... مفهوم



......

وبقت بدرية فى خدمة فاطيما ، ومساعدة ام سعدية لفترة حتى جاء يوم طلب ابناء ام سعدية من فاطيما ان تعفى امهم من العمل لانهم كبروا وهى تحتاج الى الراحة والبقاء فى بيتها معززة مكرمة ، ووافقت فاطيما واصبحت ادارة البنسيون لـ بدرية ، والذى اضافت الى البنسيون شكل جديد من الحركة غير كثيرا من اللون الممل الذى كان عليه . .. واعجبت فاطيما هانم بـ ذكائها فعلمتها القراءة والكتابة والحساب ، واشترت لها الملابس وعلمتها كيف تلبس وتتحدث وتتعامل مع الناس ، ومع الوقت زادت ثقتها فيها فـ كانت مرافقتها فى كل مكان .. حضرت افراح حكيم وحسام ومصطفى وعبد الرحمن وجيهان وخطوبة يوسف ، وكذلك تعلقت بـ يوسف من النظرة الاولى

كانت تنتظر زيارته الى جدته وتحاول ان تكون امامه طوال الوقت أو تلفت انتباهه ، ولكنه لم يكن ليشعر بوجودها اللهم القاء التحية عند الدخول والخروج ، ويوما ما كانت تتحدث مع فاطيما هانم وجائت سيرة يوسف وتجرأت الفتاة وقالت : سى يوسف أجمل رجل رأيته فى حياتى .. أجمل حتى من بعض النساء .. سبحان الله القوة والجمال والذكاء فى رجل واحد

واندهشت فاطيما لكلامها وسالتها : تتكلمين عنه وكأنك متمية او عاشقة ؟ هل تحبين يوسف يا بدرية ؟
: نعم احبه واى واحدة بنت او امراة تعرفه ستحبه وتقع فى هواه .. سى يوسف فتنة ، وانا اعترف أنى مغرمة به جدا


........


كانت صفعة يوسف يوم عزاء فاطيما هانم هى اول صفعة تنالها منذ هروبها من اهلها .. كانت تتحسس موضع يده على خدها كلما تشتاق اليه او تريد تذكره ، واشترى نجيب نصيب عبد الرحمن لـ ابنه يوسف لمعرفته بحبه لهذا البنسيون وذكرياته مع جدته وتمنى أن تحل عليه روح جدته فـ يهتدى عن السكة التى رجع اليها ... اما يوسف فترك ادارة البنسيون لـ بدرية وتحصيل مصاريفة والعودة بـ الايراد كل شهر لـ امه نوران ، وظل هكذا لـ شهور يتعامل معها معاملة المالك والمديرة .. حتى جاء يوم سمعت فيها اصوات فى حجرة المرحومة .. ظنت فى البداية انه يوسف وحده ، ولكنها سمعت صوت انثوى ، وفتحت الباب لتتاكد ظنونها


: بنسيون المرحومة فاطيما هانم بنسيون محترم يا سى يوسف ، ويبقى محترم فى حياتها او مماتها


: فاطيما هانم الله يرحمها جدتى أنا لا أنت .. انت هنا خادمة فقط .. فهمتى يا غبية لا احد يطرد ضيوفى ..

وصمت لدقيقة حتى هدأ ثم عاد يقول : ما حدث كان خطأ لذكرى جدتى ومكانها ، ولكن لا تنسى وضعك يا بدرية ، وانك تشتغلى عندى لا صاحبة مكان

كانت كلماته قاسية وجارحة بشكل رهيب ولكن سرعان ما انتهى هذا الشعور بمجرد استيقاظ يوسف فى الصباح ، واعتذر لها وتحدث بشىء من الود .. جعلها تتجرا فى الكلام معه وتحدثه مباشرة


: سمعت انك تغيرت بعد وفاة المرحومة خطيبتك ، وحتى الهانم الله يرحمها كانت تحزن لـ سماعها اخبار سيئة عنك وعن افعالك الاخيرة

: لا يوجد انسان كامل .. كلنا نتغير مع الزمن والايام تفعلنا بنا ما تريد

: ولكنك شاب وغنى وقوى وجميل ومليون واحدة تتمنى نظرة منك ولو لـ لحظة

: وانت واحدة من المليون ست او بنت يا بدرية هانم

وبجراءة شديدة ردت : نعم انا واحدة من المليون وربما اكون نمرة واحد فيهم .. فى الماضى كنت اتمنى نظرة منك ، والان انت تمنحنى بعض وقتك لنتكلم .. انت لا تعرف ولا يمكن ان تشعر بمدى سعادتى ، وانا اتكلم معك او تنظر لى

فضحك يوسف ورد بسخرية ودهشة : معنى كلامك انك تحبينى يا بدرية

: احبك كلمة صغيرة جدا لا تعنى شىء من مشاعرى انا احبك بجنون يا سى يوسف

: احذرى من حبى اذن يا بدرية ، ولمصلحتك .. فـ انا لن اتزوج


........


اقتربت بدرية بقوة من يوسف .. كان قد قرر تكملة دراسته العليا والتحضير لـ الماجستير وبقى فى البنسيون الذى يجعله ابعد عن حكيم ويحيى ، ولكن بقائها كان سببا فى اشتعال بدرية وزادت من اقترابها وتلميحاتها .. كان يفهمها وحذرها اكثر من مرة انه لن يتزوج ، ولا يريد لها الفضيحة وهى لا تزال بنت وجدته اوصاتهم بها لكنها لن تسمع ، وعندما اصبحت على وشك الانفجار طلب منها الابتعاد وترك البنسيون ، ولكنها رفضت وبشدة وتوسلت اليه ان يبقيها فى خدمته .. فحاول أن ينهى هذه المسالة وسألها

: تحبى ابحث لك عن عريس يا بدرية .. انتى جميلة جدا ونظيفة والف واحدة يتمناك حتى ولو كنت بدون شهادة

: انت تعاقبنى يا سى يوسف على حبى لك


: انا اخاف عليك وعلى سمعتك يا بدرية لا ترخصى نفسك

: وانا احبك يا سى يوسف .. لن اكون رخيصة معك اعتبرنى خادمتك او جاريتك حتى

: كنتى تتكلمى عن الحلال والحرام فى البداية وسمعة البنسيون .. الان غيرتى رأيك

: فى الحلال يا سى يوسف ، وعرفى لن تعرف عائلتك شىء

: وانا لن اتزوج يا بدرية .. افضل الحلول ان تخرجى من البنسيون او تتزوجى


: الحب اذن لا يعرف الحلال من الحرام وانا اوهبك نفسى يا سى يوسف

واندهش يوسف بقوة من كم جرأتها المحمومة .. حاول أن يتعقل أو يخبر بوالده ليتصرف فى امرها ، ولكن فى النهاية غلبته طبيعته العنترية ، وسلم لجامه لـ بدرية لتكون أول فرسه فى الحياة الجديدة لهذا الحصان



.........

: قلت من قبل ان علاقاتك او عودة العلاقات كانت قبل بدرية .. فـ كيف اصبحت فجاة فرستك الاولى

: هناك فارق بين الفرسة ،و كلاب السكك ، الصنف الثانى كان للمتعة اللحظية فقط

: الم يكن لك تجنيد او خدمة عسكرية ؟

: بالتأكيد كان لى ولكنها فترة لا تستحق الذكر ، وضاعت معظمها فى موسم الوفيات

: وعلاقتك ببدرية الى اى مدى استمرت

: توقفت بسرعة شديدة .. فقد تدخل نجيب


: ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

.................



لم يكن لهذه العلاقة ان تستمر والبنسيون لا يبعد دقائق عن فيلا نجيب ، وظهرت رائحة العلاقة بسرعة خاصة مع خروج نزلاء البنسيون ، وعدم تقبلهم للموقف وشكاية بعضهم لـ نجيب ... لم يصدق نجيب فى البداية ما وصله ، لولا أن اكد له توفيق ابنه ان يوسف ظهر كثيرا مع بدرية حتى انه جاء المحل ، واختار لها كمية كبيرة من الملابس واكثر من صنف الـ بيبى دول .. عندها حدث نجيب نوران بـ الامر ولم تصدقه وقالت

: يوسف اعقل من ان تضحك عليه بنت جاهلة وفلاحة مثل بدرية ..

وسخر منها نجيب قائلاً : وهل تضحك البنات على الرجال هذه الايام ؟ ابنك هو السافل وعديم التربية يا هانم

قرر نجيب أن يفاجىء يوسف فى البنسيون والذى كان هذا الاخير يستعد لتحويله الى مكتب هندسى ، ولكن جائت طرقات نجيب العنيفة لتلغى الفكر وربما كانت سببا من اسباب رحيله الطويل فيما بعد

.....


بمجرد ان فتح الباب حتى دفعه نجيب بقوة واخذ ينظر اليه فى غضب وهو بـ البيجاما ولمح بدرية فى ثياب قصيرة جدا وهنا سال يوسف اولا عن النزلاء وسبب رحيلهم

ورد يوسف : قرورا الرحيل فجأة .. تريدنى اتوسل لهم لـ يبقوا

: رحلوا بسببك انت والبنت القذرة ، رفقيتك الحقيرة

: بدرية ليست حقيرة هى ست البيت

وهنا توجه نجيب بالكلام الى بدرية فى غضب اشد : البسى شىء يا رخيصة يا بنت الك ..

وقاطعه يوسف قبل ان يكملها : بدرية ليست رخيصة ولا احد يهينها فى بيتى

: اى بيت يا سافل اى بيت يا خنزير .. بيت امى الطاهرة تحوله لـ ماخور هاا . تدنسه بقذارتك وعشيقتك الرخيصة

: ابى لن اكررها مرة ثانية بدرية ليست امراة رخيصة

: مادامت غالية عليك تزوجها وحالا ، لن اسمح بـ الحرام مرة ثانية

: انا لن اتزوج الا مريم

: مريم ماتت وتحللت يا مخبول .. الحمد لله انها ماتت قبل أن تدخل عليها بنجاستك.. الملائكة لا تتزوج الشياطين من امثالك

: ارجو ان تتوقف عن الاهانة يا ابى والا ....

وقاطعه نجيب فى جنون : والا ؟! تهددنى يا ابن الكلب .. سحرتك الرخيصة تهدد ابوك يا عار الرجال

: اهدى يا يابى انا لا اهددك

ولكن نجيب كان قد فقد الصواب هذه المرة وانقض على ابنه يضربه بكل قوته لم يتحرك يوسف او يحاول الدفاع عن نفسه بل ترك ابوه يفرغ شحنة الغضب كاملة ، حاولت بدرية الصراخ ولكنه اوقفه بنظرة من عينية .. واخيرا خارت قوى نجيب بسبب الانفعال الشديد .. وحمله يوسف الى غرفته لـ يرتاح وعاد يضمد جراحه ودمائه التى سالت تحت ضربات ابيه ، وافاق نجيب بعد دقائق ليجد يوسف بجانبه ، فنظر اليه بحزن والم شديد وقال

: تريد موتى يا يوسف .. تريد ان تقتلنى هاا

: انا احبك يا ابى ، ولم اكرهك فى يوم .. فكيف اقتلك او اتمنى موتك

: علاقتك ببدرية وكلام الناس يقتلنى .. لو تحبها فعلا تزوجها ولكن لا تجلب لنا العار والفضيحة

: يا ابى معظم العائلة ادمنت هذه العلاقات .. فـ اى عار واى فضيحة تقصد ؟

: تعاقبنى يا يوسف ؟ تعاقبنى على افعال الماضى .. انا كنت جاهل وبلا اب ينصحنى ويرشدنى ، والان انا ادعو الله كل يوم ان يسامحنى على افعالى وانت هنا تعاقبنى وتعاايرنى بها

: انا لا اعاقبك يا ابى والله يسامحنا كلنا ولكن فى نفس الوقت لن اتخلى عن بدرية

: ليكن . ولكن فى الحلال .. علاقة شرعية وعلى سنة الله ورسوله

: انا لن اتزوج الا مريم

: تزوج مريم فى الاخرة ، وحتى تقابلها عليك والاعمال الصالحة ، واطرد الافعى من حياتك اعرف انها سحرتك وغوتك

: لا احد يغوى احد كل شىء بـ ارادتنا وافعالنا وايادينا ، انا لن اتخلى عنها ، ومن يرعاها لو طردتها ؟

: انا متكفل بتزويجها .. وسـ ادفع لها ما تطلب حتى ولو مليون جنيه

عندها دخلت بدرية لتواجه نجيب .. كانت جاهزة للرحيل تقريبا ، وقالت : وفر ملاينيك يا نجيب بيه .. انا أخذت اكثر منها بكثير .. وسواء اختارنى سى يوسف زوجة او عشيقة الا انى احبه بـ الحلال او الحرام احبه

: لو كنتى تحبيه فعلا ابتعدى عنه وارحلى عن حياته

: ولو انت حكمت على بالموت يا نجيب بيه كان ارحم من هجر سى يوسف ، وسـ ارحل لانى احبه


تدخل يوسف محاولا منعها ولكنها اصرت على الرحيل وتركته اول صورة احبها من اشباه مريم


......


مضى شهور على خروج بدرية من حياته وعاد يوسف الى الفيلا .. منحها نجيب مبلغ كبير جدا واشترى لها بيت فى الاسكندرية ووعدها بـ اى مساعدة اذا احتاجت بشرط عدم الاتصال بـ يوسف مدى الحياة .. واصيب يوسف بنوع من الاكتئاب والخمول الرهيب جعله لا يغادر غرفته الا نادرا ، ويوما سالة نجيب عن رسالة الماجستير وفكرة المكتب الهندسى ، ورد يوسف

: لا احب ان افكر فى اى شىء الان .. احتاج ان اكون وحدى

: انت لم تحبها يا يوسف ، لو كنت تحبها كنت تزوجتها

: كنت احبها وجودها فى حياتى

: تذكر امك يا يوسف ، واخواتك جيهان ، وملك .. دائن تدان

: وانت كنت تتذكر عمتى صفية فى الماضى ؟


: ما علينا من الماضى .. لا تقتل نفسك او تدفنها بـ الحياة .. اخرج وقابل اصدقائك .. سافر الى شرم الشيخ او مارينا .. عش حياتك وتمتع بـ بمالك ومال ابوك

وقاطعت نوران حديثهم وهى تدخل مبتهجة وتناولهم بعض الصورقائلة : مفاجأة جميلة .. فاتن ولدت توأم من اسبوع بنتين ،وحسام سماهم فاطيما ونوران ، و....


قاطعها نجيب بسرعة : سافر ايطاليا عند ابن عمك حسام .. بارك له بـ النيابة عنا على المولودتين وابقى هناك لفترة حتى تعود مثل الاول

: ايطاليا ؟!!!!!

: نعم ايطاليا .. انت تحب الفنون والشياكة وايطاليا بلد الفنون والموسيقى والجمال .. صح يا نوران


: !!!!!!!!!!!!!


...........


كانت اول مرة لـ يوسف يسافر خارج مصر .. استقبله حسام فى المطار وكان يبدو مختلفا كثيرا .. زاد وزنه عما كان وتغير وجهه ودفع الفضول يوسف لـ السؤال

: عفوا يا حسام للسؤال ، ولكن وجههك تغير لا اثر لـ المرض القديم

: الحمد لله اجريت جراحة وتم ازلة الورم المسبب للشلل وبعدها اجريت جراحة للتجميل

: الحمد لله .. وحتى وزنك زاد بشكل واضح .. هل اجريت جراحة ثانية للوزن ولا فاتن بتعلفك مكرونة هههههههههه


: ايطاليا بلد الاكلات الجميلة ، وابن عمك اصبح مغرم بـ الاكل الايطالى

وظهرت فاتن عند باب منزلهم لـ استقباله لم يتغير وزنها فى شىء وان زاد جمالها بشكل ملفت .. طلب أن يرى فاطيما الصغيرة اولا قبل نوران حتى ، وضحك حسام وهو يقول

: هما توأم متطابق يا ابو جهل ، وحتى فاطيما الصغيرة لا تشبه الاصل فى شىء ولكن وتؤمتها تشبه جدتهم نوران بشكل كبير ، والله لو اقدر كنت اسمى الاثنيين نوران

واخذه حسام الى كل مكان فى ايطاليا كانت رسالة نجيب واضحة : حاول أن تنسيه نفسه لو تقدر

دعاه أكثر من مرة الى معهد الفنون العالمية الذى يعمل به حتى زاد انبهار حسام بـ ايطاليا وبدأ بـ الفعل فى الخروج عن اكتائبه بعد خروج بدرية عن حياته . وجد يوسف نفسه يسال حسام فجأة

: هل تثق في يا حسام الى هذا الحد ؟ اعنى انى فى بيتك ، وفاتن كانت فى الماضى

وقاطعه حسام بسرعة : فاتن سالتنى نفس السؤال وكان ردى ربما لا اثق فيها ولكن اثق فى اخى يوسف ابن امى نوران

واستمر الحال هكذا لفترة ويوسف فى طريقه للعودة الى ماكان عليه فى الماضى قبل حتى وفاة مريم تدريجيا .. حتى جاء يوم دعاه حسام للمسرح ، ومشاهدة النجم الجميلة كلوديا بلوشى وهى تؤدى دور سندريلا

.........


كان يعرف أنه اختبار من حسام .. وحاول ان يختبر نفسه هو الاخر ، وطوال المسرحية كان يحاول اخفاء مشاعره بـكل قوته وذكريات مريم السندريلا الحقيقية فى حياته تظهر مع كل مشهد فى المسرحية

واخيرا انتهى هذا العذاب بنهاية العرض ، وقتها قال حسام : اعتقد انك تقدر ترجع لمصر ابوك اتصل و.....

قاطعه هذا الصوت وهذه المراة الصارخة الجمال تقول بـ الايطالية التى لا يعرفها : لماذا لم تكن تصفق ايها الوسيم الاتعجبك سندريلا او انك تكره المسرح

: هل تتحدثين الانجليزية يا سيدتى فـ انا اجهل الايطالية

وعادت تقول بـ انجليزية سليمة : من هذا الوسيم يا سنيور حسام ، ولماذا تخفيه عنا ، منذ زمن لم ارى رجل بهذا الجمال وهذا الحزن

وضحك حسام وهو يعرفها بـ يوسف : هذا سنيور جوزيف ابن عمى ، وهذه السنيورا فيولا متعددة الجنسيات وامبراطورة صناعة المجوهرات فى روما

وقالت فيولا فى تساؤل ساخر : جوزيف ؟!! تقول انه ابن عمك وانت مسلم وهو جوزيف

وقال يوسف : أنا مسلم يا سنيورا ولكن اسمى ينطق بـ اللاتينية جوزيف

فردت عليه بـ العربية تحمل لكنة شامية : ليكن اذن يوسف وليس جوزيف

استغرب يوسف هذا التحول السريع فى اللغات ولكن حسام وضح له الامر بسرعة وهو يضحك : السنيورا فيولا متعددة الجنسيات واللغات من اب ايطالى وام لبنانية وجدة فرنسية وتحمل الجنسية الامريكية

قاطعته فيولا وهى تنظر ليوسف بطريقة فهمها بسرعة : وانت لا تبدو مصرى ولا حتى عربى ايها الوسيم ملامحك خليط من الشرق والغرب

: جدى لـ امى كان نصف انجليزى

: اهاا هكذا تتضح الامور .. اعتقد انك تفضل النوم المبكر يا سنيور حسام ، اذهب أنت ولا تخاف على قريبك .. سـ اوصله بنفسى الى بيتك . فمن الواضح انه يحب السهر

ونظرت لـ يوسف مرة اخرى وقالت : ما رايك فى السهر معى الليلة ايها الوسيم

.........


رغم دهشة وخوف حسام الواضح من لهجة فيولا الا ان موقف يوسف السريع فى تلبيته لرغبة فيولا ودعوتها اغضبه اكثر وهمس فى اذن يوسف

: فيولا امراة خطيرة جدا ، وليست سهلة بالمرة هى من تختار الرجال والعشاق ، لا تبيع نفسع بـ الرخيص ، تذكر نحن عائلة الخيول ولسنا رجال مشاع

وضحك يوسف من كلام حسام وهو يقول : عائلة الخيول .. تذكرنى بكلام حكيم ونصائحه فى الماضى .. لا تخاف على يا حسام لا توجد امراة يمكن ان تجعلنى تسلية .. انا حفيد عنتر وابن عنتر ولو مات عنتر فـ كلنا عنتر


........

تطورت العلاقة بسرعة غريبة بين يوسف وفيولا .. كانت تكبره بـ عشر سنوات على الاقل .. ولها العديد من العلاقات الغرامية مع شخصيات مهمة او من تختارهم من الشباب لتجدد حيويتها كل فترة .. ورغم خوف حسام على يوسف ورفضه لما يحدث الا انه وجد نفسه عاجز عن فعل اى شىء امام فيولا القوية ، واتصالاتها المخيفة .. اما فاتن فقد رفضت الامر تماما ولاول مرة تتشاجر مع حسام، وهددته بـ الاتصال بعمه نجيب لو لم يتصرف .. وحاول حسام الاتصال بـ يوسف وحثه على العودة للبيت ولكن فيولا احست بـ شىء وهددته بالطرد من ايطاليا كلها .. واخيرا استسلم لـ الامرالواقع خاصة بعد نيل ترقية خاصة فى المعهد وبـ توصية خاصة من فيولا ، عندها وثارت فاتن بقوة كما لم يحدث من قبل

: انت يا حسام .. تبيع يوسف لهذه الافعى مقابل ترقية ... زوجى انا يتحول لـ تاجر من هذا النوع

: ابن خالتك هو من اختار .. وانا فى موقف ضعف ، ولا أحد يقدر على فيولا حتى كبار الشخصيات هنا

: ولو جاء اليوم وظهر رجل فى قوة فيولا وطلبنى انا .. ماذا سيكون رد فعلك ؟ هل تبعينى مثل ما بعت ابن عمك

: ما الغرض من كل هذا الكلام وهذه التلميحات .. تحبيه هاا .. اعرف انك تحبين يوسف حتى الان

: يوسف هو ابن خالتى واخى يا زوجى العزيز المحترم ، وانا سـ اصبح مطلقة لو بقيت على حالك يا حسام .. اما ان تعود حسام زوجى الرجل الذى احببته او تطلقنى


...........


برغم قوة فيولا الواضحة واتصالتها القوية وعلاقاتها المخيفة .. الا ان خلف الكواليس كان هناك شىء اخر .. لم يكن هناك داع اساسا لخوف حسام على يوسف .. ولم يكن يعرف أو يقدر قوة ابن عمه الحقيقية فى التعامل مع النساء .. فمن الليلة الاولى فهم يوسف فيولا ونوعها وتصنيفها بين النساء .. هذا النوع يحتاج الى ترويض من نوع خاص .. ترويض يجعلها تشعر انها المالكة لزمام الامور ولكنها فى الحقيقة مكبلة بـ لجام قوى يكبح جماح فرسة قوية ومتمردة .. ولم يمضى اسابيع قليلة على علاقته بها حتى جعلها اقل من بدرية نفسها .. بل ان معاملته لـ بدرية كانت معاملة سيدة وربما هانم .. اما فيولا فـ كان يتعمد اذلالها وتحقيرها كل ليلة وبشكل سحرى .. كان يداعب غريزة المراة داخلها وبقوة ، ويعود ويكتسى بقناع ثلجى ويمنعها عنه ثم يعود ويلهبها مرة اخرى ويتبدل أكثر من مرة .. حتى احكم لجامها وبقوة ، وفقدت الفرسة سيطرتها لتعلن تفوق وقوة هذا

الحصان


........

: وهل استمرت العلاقة مع فيولا لـ فترة طويلة او انتهت بسرعة مثل علاقتك بـ بدرية


: لا كانت علاقة طويلة نوعا استمرت لـ عامين تقريبا ، ولكنها انهت العلاقة فجأة خوفاً على حياتى


: ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


......................



حاول يوسف أن يصلح بين حسام وفاتن اكثر من مرة .. ولكن فاتن رفضت وساطته وازداد عنادها .. وهنا سالها يوسف عما يرضيها صراحة وردت


: نرجع مصر او نغادر ايطاليا كلها لاى مكان او بلد ثانية


واتحلت العقدة


......


طلب يوسف من فيولا ان تنقل حسام الى اى فرع للمعهد فى اوربا بعيدا عنه ، وبالفعل انتقل حسام الى فرنسا وفى اكبر معارضها الفنية وبـ وظيفة لم يكن ليحلم بها اى رسام او فنان غير فرنسى ، ولكنها كانت توصيات فيولا


واستقر الوضع نسبيا بعد مغادرة حسام وفاتن ايطاليا ، ولكن حدث ان بدات حرب النفوذ بين فيولا ومنافسيها ، والتى اشتعلت مع الوقت وجعلها تفكر فى العودة الى امريكا لتدير اعمالها ومعاركها من هناك وفى امان .. ولكن المعارك انتقلت معها وانتبه منافسين فيولا الى نقطة ضعفها الجديدة فى هذا العشيق المصرى .. وبدأت التهديدات الصريحة ، وهنا قررت فيولا انهاء العلاقة خوفا على حياته ولو بشكل مؤقت


: اسمعنى يا يوسف وافهم كلامى جيدا .. انت الرجل الوحيد الذى احببته حب حقيقى ، ولانى احبك حتى اكثر من حياتى نفسها .. يجب ان تبتعد عنى


: نبتعد ؟ اه فهمت تقصدى نقطع علاقتنا هاا .. انتى مللتى اللعبة وتريدين حب جديد


وهنا ضحكت فيولا فى توتر وقالت : اى لعبة يا سنيور يوسف نجيب .. انت الوحيد الذى يعرف كم تنازلت من اجلك لولا انى اثق فى خدمى واعرف انهم لا يتكلمون ولا يفشون لكان الجميع يعرف ما يفعله العاشق المصرى فى فيولا القوية .. انت كنت تعاملنى معاملة جوارى العصور الوسطى ، والغريبة انى ادمنت هذا المعاملة وعشقت دور الجارية مادمت انت السيد


: قولى الصراحة يا فيولا . انت كرهت وجودى فى حياتك


: وانت لا تفهم شىء يا يوسف .. اعدائى يتربصون لى وانت الان نقطة ضعفى .. كنت اظن ان انتقالنا لـ امريكا سـ يخفف الحرب ولكنهم مصممين على الفوز ... ارجوك يا يوسف افهمنى لا اريد ان تموت بسببى لو حدث لك مكروه سـ اموت .. دعنى اعود فيولا القوية وبعدها نعود الى ما كان


: ليكن يا فيولا ولكن . يوسف نجيب يفارق مرة واحدة ولا يعود


وهنا بكت فيولا بحرقة ولاول مرة وهى تقول : لا تكن قاسيا معى يا يوسف .. انا ابتعد لانى احبك


...........


ورغم ان يوسف رجل لا يحب وانما يتعايش مع اشباه وصور لـ مريم مع عشيقاته .. الا انه حزن حقا لفراق فيولا .. المراة التى عشقته ربما اكثر من مريم وعاملها ربما اقل من بدرية


....


وتركت له فيولا بيتها وسيارتها فى امريكاومبلغ رهيب فى احد البنوك ، وعادت مرة اخرى الى ايطاليا لتكمل حربها .. واخيرا ناقش يوسف رسالة الماجستير وبدأ يستعد للدكتوراه وافتتح مكتب هندسيا ، وكاد ان يبدا حياة هادئة جديدة بعيدا عن طباع الخيول والعناترة ، ولكن ظهرت فى حياته جينى او جينفر


الفتاة التى كادت ان تنسيه مريم نفسها


....


عندما تقدمت جينى لعمل كـ متدربة فى المكتب الهندسى .. لم يلتفت لها يوسف كثيرا .. كان قد انخرط فى عمله وبقوة ويرسل لـ نجيب التطورات اول بـ أول ليفخر به وبدا ينسى ميوله العنترية وعلاقاته السابقة تدريجيا . الى ان جاء اليوم وجدها امامه وتساله


: مستر جو .. معذرة ولكن هل يمكن المبيت فى المكتب .. عفوا ولكن انا بدون منزل الان والاعباء كثيرة بين الدراسة ومرض امى ، و....


وقاطعها يوسف فى سرعة : اوكى جينى .. وقدمى طلبك لـ السكارتارية غدا لـ زيادة راتبك وانا موافق عليه مقدما


واندهشت الفتاة من هذا الكرم السريع الغير مالوف لها وقالت : اوه مستر جو .. انت رجل كريم جدا .. اشكرك


ومع الوقت تعلقت جينى بـ يوسف كان شديد الكرم معها ويزيد فى حوافزها بـ استمرار ويسالها عن حالة والدتها كل فترة ، وكانت مفاجأته بعد انتهاء فترة التدريب ان قام بتأجير منزل مؤثث لها غير تكفله بعلاج والدتها ... هو ايضا اعجب بها بشدة ، ولكن بدون عنترية .. كانت بريئة الى ابعد الحدود ورقيقة الى درجة جعلته يقارن بينها وبين مريم نفسها فى رقتها ، لم يكن هناك مقارنة فى الجمال فلا توجد امرأة على الارض كانت فى جمال مريم او هكذا كان يرى ، ولكنها كانت نفس الروح ونفس البراءة والصفاء ، وربما نفس الصفات الملائكية خرجت من مريم لتكون فى جينفر .. ، وجاء يوم المصارحة من جانب جنيفر .. كانت تحبه ولا تستطيع البوح بمشاعرها لفترة طويلة ولكن اقترابها منه شجعها لفتح هذا الحوار وكان سؤالها


: سمعت ان الرجل المسلم له اربع زوجات ؟


: صحيح يمكنه الزواج من اربعة ولكنها حالات نادرة .. لا يوجد رجل يحتمل الان .. انقرض هذا الجيل من فترة ههههههههه


: ههه أنت رجل ظريف جدا يا مستر جو .. سمعت ايضا ان الرجل المسلم يمكن الزواج من ديانات اخرى


: نعم ولكن مسيحية فقط لا يجوز لليهود او غيرها من الديانات


: صحيح ؟! يمكنه الزواج من مسيحية ... وانت يا مستر جو لا تريد الزواج


: وضحى الغرض من سؤالك يا جينفر


: انا اريد الزواج يا مستر جو ، واريدك أنت ، ولكن ماذا عنك


وهنا وجد يوسف اخيرا من يتحدث له .. حدثها عن كل شىء .. لم يكن الكلام ليتوقف منذ وفاة مريم وعلاقته بـ بدرية وفيولا وحتى رؤيتها وتقربهما ... حكى لها عن حبه الخفى لروحها فى بدرية وجمالها فى فيولا وبرائتها التى يراها فى جينفر ، واخيرا سكت يوسف ، ثم عاد يسالها


: هل تتزوجينى الان يا جينفر



..........


كان يتوقع الاجابة ولكنه فوجىء ببكاء جينفر الحار واجابتها الغير متوقعة وهى تقول


: لا يا مستر جو لا استطيع مشاركة مريم فيك .. انت رجل لا تملك قلبك .. انت تركته يرحل مع حبيبتك ، وتعيش الان جسد بلا قلب ، تحاول ان تعوض هذا الاحساس بتواجدك بين النساء ولكنك لا تجد قلب تمنحه لـ اى منهن


وهنا قال يوسف فى صدق : اشعر انى احبك يا جينى


: هى شفقة يا سيدى .. شفقة وربما شىء اخر رايته في ذكرك بـ حبيبتك .. صدقنى لو قلت لك انى احببتها الان اكثر منك .. ولن استطيع ان اشاركك فيها .. فـ يوما ما سـ تقابلها فى العالم الاخر وتستعيد قلبك منها .. وقتها ربما اكون لك .. اشكرك يا سيدى على مشاعرك الجميلة .. ولنبقى اصدقاء فقط



ولم يعارض يوسف هذه المرة
......


لم تبتعد جينفر عن يوسف ولم تفارقه كانت المراة الوحيدة التى احبته ولم تشاركه فى مريم ، وربما لهذا لاتزال اعز الاصدقاء


.. .....


شعر يوسف انه بحاجة الى الدفء العائلى مرة اخرى .. مر عليه ثلاث سنوات فى امريكا دون اجازة او عودة الى مصر .. فى منفاه الاختيارى سمع بـ وفاة عمته صفية ، ولم يحزن كثيرا لهذا واكتفى بـ ارسال برقية عزاء لوالده ، واخرى لـ امه قال فيها : لم احبها طوال حياتى لا هى ولا فريدة .. انا احب امى فقط ، ولم انسى الاساءة
وبعد فترة وجد يوسف نفسه قريبا جدا من مصطفى .. ربما دبر لهذا وربما شائت الاقدار ان ينقذ اخاه ، ولكن قبل لقاؤه بـ مصطفى كان قد قرر سداد ديونه



....


فوجئت فيولا يوما برسالة من يوسف معها شيكا بكل المبالغ التى منحتها له مضاف اليها الارباح .. كان قد توسع فى عمله وقرر سداد ديونه بما فيها الهدايا وغيرها وعرفت فيولا انه بهذا يؤكد استحالة العودة بينهم .. يومها بكت كما لم تبكى من قبل ، وبعد ان انتهت اتصلت بـ احد مساعديها ان يبحث لها عن شاب وسيم


...........



توسع يوسف فى اعماله الهندسية خارج نطاق الولايات المتحدة وامتدت اعماله الى اوربا والخليج وجنوب شرق اسيا مع الوقت تدريجيا .. واخيرا قرر أن ينقل المقر الرئيسى لشركاته الى كندا


......


رغم الاستقبال والترحيب الحار والمبالغ من قبل مصطفى الا ان يوسف لاحظ تغيرات عديدة فى سلوك شقيقه الاكبر .. لم يكن هو مصطفى الذى يعرفه .. وعندما وصلا الى بيت مصطفى تأكدت شكوكه بسرعة .. كانت ليلى فى اشد حالات التبرج ربما اكثر من النساء الغربيات وترتدى ملابس ساخنة وضيقة جدا وسمح لها مصطفى فى هدوء شديد بتقبيل يوسف وعناقه بحرارة وكأنه امر معتاد رغم انزعاج يوسف من هذا التصرف ، وهنا ضحك مصطفى بسخرية من توتره هذا وقال


: يقولون انك عنتر العائلة العالمى .. ومغامراتك اصبحت عبر القارات وتستحى من قبلة بسيطة من زوجة اخوك هههههههههه


: تغيرت جدا يا شيخ مصطفى


: بروفسير مصطفى لو سمحت يا بشمهندس يوسف او يا مستر يوسف .. انسى كلمة شيخ


وهنا حاول يوسف تقليد سخرية نجيب وهو يقول : لم تكن هذه تعاليم عمك حمدى


وتغير لون مصطفى فجاة وهو يقول فى عصبية : تقصد الارهابى حمدى .. الحمد لله ان ابى انقذنى منه ومن امثاله .. لولا ابى كنت تحولت الى مجرم او ارهابى


: الالتزام الدينى لا يعنى الارهاب او التطرف .. فى عناصر تطرفت وعناصر اخرى ملتزمة وصالحة


: ومن يتحدث عن الالتزام ؟ انت يا شيخ عنتر ههههههه


واخذ يضحك فى سخرية غريبة ويوسف يستغرب احواله .. لم يعد مصطفى يملك اى حرارة او اى خجل .. تحول الى رجل بلا احساس .. كان يسمح لـ ليلى بـ ارتداء ما يحلو لها سواء كان يناسب التقاليد او لا يناسبها والاكثر انها كانت تشرب وتدخن وترقص مع اى شخص قريب او غريب وبدون استحياء ،وحتى ابنه الوحيد الذى لا يعرف كلمة بـ العربية كان يتركة طوال الوقت مع المربية وآحيانا دون السؤال عنه ولـ اسابيع ، ويوما ما سالته ليلى فى وقاحة غريبة ان يحكى لها عن مغامراته العاطفية فى ايطاليا وامريكا وعلاقته بـ الخادمة بدرية وكيف يتعامل مع النساء ، وقتها اخذ ينظر اليها بـ اشمئزاز غريب جدا وهى بهذا المايوه البكينى ،وخرج دون ان يرد


.....


حاول يوسف مرة اخرى مع مصطفى قال له ان ما يحدث لا يصح وانهم رغم كل شىء مصريين ومسلمين وان هذه الحرية الغريبة التى ينتهجها غير ملائمة وبعيدة عن تقاليدهم وطباع عائلتهم فى كل شىء ، وهنا سخر مصطفى من الجميع وقال


: عن اى عائلة تتحدث يا مستر يوسف ؟ عائلة شوكت ونجيب وحكيم ويحيى العناترة الخيول ارباب البلطجة والجهل ، او عائلة فاطيما وصديق وعزيز وكريمان العنصرية ، او انك تقصد عائلة صفية وزوجها حمدى المتطرفة ، او امك نوران هانم جميلة الجميلات التى تبنت ابن سلفها واحبته اكثر من اولادها


: اهاا فهمت .. الان فقط صدقت ما يسمى بعقدة اوديب


: احفظ لسانك يا يوسف


: وانت تهين العائلة كلها يا مصطفى .. عائلة الخيول والخيالة .. اعقل وتذكر من نحن .. نعم عناترة وفينا طباع سيئة ولكن رجال احرار ودمنا حر ، ولانقبل ان يمس غريب حريمنا او نسائنا ، وتخرج عن الحياء وتنكشف امام الغرب مثل عاهرات الشوارع حتى ولو كان اخوك


: اخوك رجل قواد يا مستر عنتر . هاا ارتحت .. تحب تكلم فى شىء ثانى .. عفوا ولكن انا مشغول جدا، ولو سمحت اتصل قبل ان تأتى للزيارة مرة ثانية


.........


لم يجد يوسف امامه الا نجيب هو الوحيد الذى يملك الحل فى هذه الظروف ولا يوجد حل اخر لـ انقاذ مصطفى وعودته كما كان الا نجيب وحكمته فى ادارة هذه المواقف ، واخيرا ارسل برقية عاجله لوالده


....


: اما ان يعود مصطفى الى مصر وبشكل نهائى او تتبرأ منه .. ابنك سيجلب لنا العار والفضيحة .. لا اريد ان اقتل اخى


قرأتها نوران للمرة الالف فى توتر شديد والتفت الى نجيب بكهولته وحزنه الشديد وقالت
: لا افهم شىء لم افهم ولا كلمة ... يوسف ابو الفضائح والمغامرات التى جلبت لنا العار .. يتكلم عن مصطفى ويقول هذا الكلام .. ما رأيك هل تفهم شىء ؟


وتنهد نجيب فى حزن شديد وهو يقول : لانك لا تفهمى يوسف كما افهمه .. يوسف هو امتدادى ولو بشكل اخر .. يوسف رغم مغامراته وفضائحه الا انه يبقى ابنى ابن نجيب وحفيد شوكت الخيال .. هل تذكرى يا نوران شوكت فى كهولته وهو يضرب الشربينى بكل قوته لـ مجرد انه صفعك .. هذا هو يوسف رجل حر ودمه حر يشعر بالغيرة ولا يترك عقله لمخلوق يلعب فيه ... اما ابنك مصطفى فهو ضعيف .. من زمان وانا اقول لا رجاء فيه .. ترك حمدى يؤثر عليه وانقلب علينا وكاد يتطرف .. والان جاء الدور على الاجانب يلعبون بعقله وينقلب على تقاليدنا وعاداتنا هذه هى رسالة يوسف .. هل فهمتى الان يا نوران هانم .. يا ام مصطفى


: فهمت كل هذا من سطرين فقط .. تعنى ان مصطفى لم يعد ابننا


: انتى لا تفهمى شىء عن طبيعة الخيول يا نوران لازلت بريئة مثل ما رأيتك اول مرة .. يوسف هرب لانه ادمن النساء ولا يريد لنا الفضائح فـ اكمل مسيرته فى الخارج بدل ما نلجمه هنا .. اما مصطفى فهو الفضيحة بعينها .... اتصلى بيوسف ومصطفى قولى لهم ان ابوهم بيموت وفى ايامه الاخيرة ، واريد ان ينتشر الخبر فى العائلة كلها حتى لو سالوا اى مخلوق يؤكد لهم صدق الاتصال ، وارسلى لـ صديق .. احتاجه الان أكثر من اى وقت ، وامنعى دخول اى شخص علينا انا وصديق بمجرد وصوله حتى توفيق وشريف وملك .... مفهوم



......


لم يصدق مصطفى انه والده يموت او يمكن ان يموت فى اى وقت .. كان يخشى نجيب حتى فى احلامه ويتخيله ياتى كل ليلة ليسجنه او يضربه .. بدا عليه التوتر الشديد بعد هذا الاتصال .. ارسل لـ يوسف وساله عما يجب فعله .. اما يوسف فقد فهم اللعبة منذ الاتصال وحاول تصنع القلق الشديد وهو يحث مصطفى على النزول الى مصر .. حاول مصطفى التمنع فى البداية واتصل بـ كل ابناء عمومته فـ اكدوا الخبر ، وطالبوه بسرعة العودة قبل فوات الاوان .. عندها فكر مصطفى فى ترك ليلى ونجيب الصغير فى كندا حتى ينتهى الموضوع ، ولكن يوسف وبخه وقال : وافرض ان ابوك يريد رؤيتهم قبل موته .. هل تمنعهم عنه ؟


: اخاف يكون ملعوب من ابوك


: وانت متخيل ان نجيب محتاج ان يمرض نفسه لاجبار اى مخلوق ان يعود .. انت تعرف ابوك اكثر من اى شخص يا مصطفى


: والمصاريف والطيران من والى .. انا لست مستعد لكل هذا


: انا متكفل بكل شىء بما فيها مصاريف الذهاب والعودة .. هل ستبخل على ابوك فى اواخر ايامه برؤيتك وزوجتك وابنك يا مصطفى


.......


ونجح اخيرا يوسف فى اقناع مصطفى بـ العودة لرؤية نجيب ،واجتمعت العائلة كلها مرة اخرى فى فيلا نوران .. لم يكن احد يعرف بما يدبره نجيب الا نوران وصديق وكذلك يوسف الذى فهم ما يرمى اليه والده


....


وخرج نجيب بصحبة صديق .على الجميع وسط دهشتهم وهو فى كامل صحته ولا يوجد اى اثر لمرض او نوازع وفاة .. الا يوسف ما ان راى والده حتى ضحك بقوة وهو يقول


: كنت افهم اللعبة من اللحظة الاولى للاتصال .. فهمت خطتك بـ الكامل


ابتسم له نجيب فى هدوء وعاد ينظر الى ليلى وملابسها القصيرة ثم الى مصطفى بطريقة جعلته يتذكر احداث مؤلمة ويتحول بنظره الى يوسف وكانه يستنجد به ولكن نجيب قال فجأة


: يا بروفسير مصطفى نجيب شوكت الخيال .. اختار الان امام العائلة اما ان تبقى معنا فى مصر واعوضك على كل شىء تركته فى كندا وتعود ابنى او اتبرأ منك الان امام الجميع واحرمك من كل شىء سواء حقوق او ميراث او حماية


ولم يرد مصطفى وكان سكوته يعنى موافقته بـ البقاء


واكمل نجيب وهو يتجه الى يوسف وقال


: وانت يا بشمهندس يوسف نجيب شوكت الخيال .. اما ان تتزوج الان او اتبرأ منك امام الجميع واحرمك من كل شىء سواء حقوق او ميراث او حماية اعرف انك لا تحتاج الى تعويضات ولا حماية اساسا .. هاا ما رأيك


ورد يوسف بقوة : وانا لن اتزوج الا مريم


وتنهد نجيب وقال له بصدق هذه المرة : ابحث عن مريم يا يوسف .. مريم الزوجة لا العشيقة ولا الرخيصة وعندما تجدها تعود الى بيت ابوك مرة اخرى ، وتذكر دائما : لا تحب عشيقة ولا تعامل رخيصة على انها هانم ، ولا تتزوج الا من تحبك لانك يوسف نجيب ولو تزوجتها اقطع كل علاقاتك بغيرها وتعيش رجل سعيد مثل ابوك




..............


ختام


: وهل وجدت مريم بعد كل هذا


: لا ولكنى اقتربت من اشباه لها فى كل مكان .. عرفت كل النساء تقريبا صادقت اشباه لها ، ورغم انى ابتعدت عن الغريزة العنترية تدريجيا ، واصبحت صداقاتى تقتصر على العلاقات العامة والصداقات الودية الا انى احيانا أجدنى احن الى لعبة الرجل الحصان .. لست ادرى حقا ان كنت احببت مريم او احببت كونى عاشقاً فى يوم من الايام ،ولكنى اشعر بـ انى اصبحت قريب جدا منها بل اقرب مما تتصور ..هى تظهر لى هذه الايام بكثرة وتنادينى ، وانا احاول بكل قوتى ان اصلح ماافسدته بمغامراتى .. احاول ان اكون انسانا لا مجرد حصان يقفز من هنا وهناك ، فـ لست ادرى حقا لو مت واصبحت قريبا من مريم هل سـ اكون لها او معها او سـ اكون فى الطرف الاخر


: ربما يغفر الله لك


: هذا ما اتمناه


: ولما لا تتزوج بـ زواجك تكمل نصف دينك ، وتكون اقرب الا الله وتبتعد عن لعبة الحصان نهائيا


: عفواً يا صديقى ، ولكنى لن اتزوج الا مريم



تمت

تعليقات
0 تعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق