|
الإستبداد و الطغيان
كلمة المستبد Despot مشتقة من الكلمة اليونانية ديسبوس Despots التي تعني رب الأسرة، أو سيد المنزل أو السيد على عبيده، ثم خرجت من هذا النطاق الأسري إلى عالم السياسة لكي تطلق على نمط من أنماط الحكم الملكي المطلق الذي تكون فيه سلطة الملك على رعاياه ممثلة لسلطة الأب على أبنائه في الأسرة أو السيد على عبيده.
ويرجع مصطلح الاستبداد إلى أرسطو الذي قارنه مع الطغيان وقال بانهما نوعان من الحكم يعاملان الرعايا على أنهما عبيد... والاستبداد يراه عند البرابرة (ويقصد أرسطو بالبرابرة البشر من غير اليونانيين ويسميهم أيضا بالأغراب) فهو ذو سمة أسوية ويعني خضوع المواطنين للحاكم بإرادتهم، لأنهم عبيد بالطبيعة، ولابد من الإشارة هنا إلى إن أرسطو يناقش فكرة العبد وهل إن العبد عبد بالطبيعة أم انه عبد بالطبع، ويقصد بالطبيعة هو إن المرء يولد وهو عبد لذا فواجب عليه الخضوع لسيده وواجب عليه الطاعة والقيام بالأعمال التي يوكلها إليه سيده، اما ما يقصده أرسطو بالطبع فهو إن العرف والتقاليد الاجتماعية هي التي تفرض على الإنسان إن يكون عبدا، وكانت المدرسة السفسطائية تميل إلى الرأي الثاني بينما أرسطو يميل إلى الرأي الأول الذي يعد العبد عبدا بالطبيعة، لذا فهو يعد الآسيويين طبيعتهم هي هكذا أي هم يخضعون لحاكمهم المستبد، فهم بالطبيعة وليس بالطبع يخضعون لحاكمهم...
اما أفلاطون فعلى الرغم من كونه أستاذ أرسطو إلا إن مناقشته للمستبد تحت مفهوم الطاغية وليس المستبد الذي ناقشة تلميذه أرسطو، فيستولي الطاغية حسب وجهة نظر أفلاطون على السلطة عنوة، ويسعى للتخلص من خصومه بعد استيلاءه عليها، لكنه يبدأ بكسب شعبية الناس ويوزع الأراضي، ويشن حروب لكي يبقى الشعب بحاجه إليه وهي وسيلة احتقار الناس ومن مصلحة الطاغية استمرار الحروب، ويلاحق الطاغية جميع الناس الذين يمتازون بالشجاعة وكبر النفس والحكمة والثروة لأنهم يشكلون خطر عليه، يحيط به جماعة مستعبدة تتقاضى أجور عالية لكي تحميه وتمتدحه، لذا فهو يعيش على حساب الناس الذين يرزحون تحت أسوا العبوديات، وهؤلاء انتقلوا من الحرية إلى العبودية، أي من الديمقراطية إلى الطغيان.
أما أوصاف الطاغية عند أفلاطون فهي: كائن حيواني ينشغل بالملذات المتقلبة، نقيض الروح الخالدة، هو من أتعس العالمين ومدينته مدينة شقية، العلاقة بين الحاكم والمحكومين هي علاقة السيد بالعبد.
ويرتب أفلاطون أنظمة الحكم الذي ينتهي بأسوأ النظم وهو الطغيان:
1- الأرستقراطي Aristocracy : أفضل أنواع الحكم وهو حكم القلة الفاضلة ويتجه نحو الخير مباشرة ومن ثم فهو نظام الحكم العادل.
2- الحكم التيمقراطي Timocracy : وهو الحكم الذي يسوده طابع الطموح من محبي الشرف أو الطامحين إلى المجد الذين تكون وجهتهم السمو والتفوق والغلبة.
3- الحكم الاوليجاركي Oligarchy : وهي حكومة القلة الغنية، حيث يكون للثروة مكانة رفيعة.
4- الديمقراطية Democracy : هي حكم الشعب حيث تقدر الحرية تقديراً عالياً.
5- حكومة الطغيانTyranny : وهي حكومة الفرد الظالم، أو الحاكم الجائر، حيث يسود الظلم الكامل بغير خجل.
وعند أفلاطون النظامين اللذين يمثلان الشطط في السياسية ملكية فارس وديمقراطية أثينا، الأول الإفراط في السلطة والثانية الغلو في الحرية
ونقتبس قول الشاعر العربي الكبير ( سميح القاسم ) فى قصيدته بعنوان ( الى طغاة العالم )
ألاّ أيّهــــا الظـــالمُ المســـتبِدُّ حــبيبُ الظــلامِ, عــدوّ الحيــاهْ
ســخرتَ بأنّــات شـعبٍ ضعيـفٍ وكــفُّك مخضوبــةٌ مــن دمــاهْ
وســرتَ تُشــوِّه سِــحْرَ الوجـودِ وتبــذرُ شــوكَ الأسـى فـي رُبـاهْ
ســخرتَ بأنّــات شـعبٍ ضعيـفٍ وكــفُّك مخضوبــةٌ مــن دمــاهْ
وســرتَ تُشــوِّه سِــحْرَ الوجـودِ وتبــذرُ شــوكَ الأسـى فـي رُبـاهْ
رُوَيـــدَك! لا يخــدعنْك الــربيعُ وصحـوُ الفضـاء, وضـوءُ الصبـاحْ
ففـي الأفُـقِ الرحـبِ هـولُ الظـلام وقصـفُ الرعـودِ, وعصـفُ الريـاحْ
حــذارِ! فتحــت الرمــادِ اللهيـبُ ومـن يبـذرِ الشـوك يجـنِ الجـراحْ
ففـي الأفُـقِ الرحـبِ هـولُ الظـلام وقصـفُ الرعـودِ, وعصـفُ الريـاحْ
حــذارِ! فتحــت الرمــادِ اللهيـبُ ومـن يبـذرِ الشـوك يجـنِ الجـراحْ
تــأمل! هنــالك.. أنّــى حـصدتَ رؤوسَ الــوَرَى, وزهــورَ الأمـلْ
ورويَّــت بــالدمِ قلــبَ الــترابِ وأشْــربتَه الــدمعَ, حــتى ثمِــلْ
ســيجرفُكَ الســيلُ, سـيلُ الدمـاءِ ويـــأكلُك العـــاصفُ المشــتعِلْ
ورويَّــت بــالدمِ قلــبَ الــترابِ وأشْــربتَه الــدمعَ, حــتى ثمِــلْ
ســيجرفُكَ الســيلُ, سـيلُ الدمـاءِ ويـــأكلُك العـــاصفُ المشــتعِلْ
وبهذا الخصوص سوف سنقوم بإستعراض وتقديم أشهر الحكام الطغاة والمستبدين على مر التاريخ من خلال نشأتهم وجرائمهم فى حق الإنسانية
|